جمل الخبريّة بداعي البعث لم يكن كذلك يعني لم يستعملوا الجمل الخبريّة في مقام لا يرضى بترك الفعل وكان شوقهم للفعل كثيرا ، وكأنّهم أخبروا بوقوع الفعل ، بل يكون على حدّ الصيغة فكما يستفاد من الصيغة يستفاد من الجمل الخبرية.
المقام الرابع :
في أنّه إذا سلّم أنّ الصيغة لم تكن حقيقة في الوجوب فهل تكون ظاهرة فيه أم لا؟
تحقيق الحقّ في المقام هو ما قلنا في مادّة الأمر بأنّ حقيقة البعث يكون هو الاتيان بالفعل وعدم الرضا بالترك وقلنا بأنّه كما أنّ المولى تارة يأخذ يد العبد ويجلسه ويكشف هذا عن إرادته جلوس العبد تارة يأمر بإتيان الفعل ويبعثه على ذلك ، فما دام لم يرخّص في تركه يكون المتبادر هو الإلزام بالفعل فهكذا يكون في ما نحن فيه.
إلّا أنّ المحقّق الخراساني (ره) يدّعي ظهور الأمر في الوجوب ، لأنّ الندب محتاج الى مئونة زائدة ، ولعلّه كان نظره الى أنّ الندب مرتبة ضعيفة والوجوب مرتبة قويّة ، ومقتضى الإطلاق هو حمله على القويّ ، وهذا فاسد من جهتين :
الجهة الاولى : أنّه إذا أمر المولى بالإتيان بالنور ، هل يأتي العبد بالنور القويّ أو الضعيف؟ لا إشكال في أنّه يرى أنّ مطلوب المولى هو صرف وجود النور فيرى نفسه مخيّرا بين الإتيان بالنور القويّ أو الضعيف ، لحصول الامتثال بكلّ منهما. ولا يلتزم المحقّق المذكور ايضا بلزوم الإتيان بالقوي وما قال من أنّ المتبادر هو القوي في الوجود وقال بأنّ المنصرف اليه هو وجود الواجب تعالى ولا يمكن الالتزام به فى كلّ مورد ، اذ في الوجود حيث كان الوجود التام هو الله تعالى وسائر الموجودات تكون وجودات وماهيات ينصرف الإطلاق الى الله تعالى لا في مقامنا هذا الذي كان الوجوب والندب على حد سواء.
الجهة الثانية : أنّه يجري مقدمات الحكمة في كلّ موضع يكون المتكلّم في مقام