بيانه ولم يكن مقامنا هذا كذلك ، إذ الندب أو الوجوب مستفاد من الهيئة والهيئة تكون معنى حرفيا ويؤخذ مرآتا فإذا كان كذلك كيف يمكن أن تجري فيه مقدمات الحكمة ، لما قلنا من أنّ المتكلّم لا ينظر اليه حيث إنّ الهيئة معنى حرفيا ، وإذا كان معنى حرفيا لا يكون النظر به استقلالا بل مرآتا الى شيء آخر ، وهذا واضح ، وليس ما قلنا من عدم جريان مقدمات الحكمة في الهيئة لأجل أن الحرف يكون حتى تقول بأنّ المحقّق المذكور يقول بكلّيته وأنّه يكون قابلا للإطلاق والتقييد ، بل منشأ عدم جريان مقدمات الحكمة هو أنّه لا يكون النظر اليه استقلالا ، بل النظر اليه يكون مرآتا للغير وجريان مقدمات الحكمة يكون في مورد كان المتكلّم في مقام بيانه لا إذا أخذ مرآتا لإراءة غيره ولم يكن المتكلّم في مقام بيانه ، فافهم وتأمّل جيدا.
المقام الخامس :
هل يكون قضية إطلاق الصيغة هو كون الوجوب توصّليا أو تعبديا؟ وقد عرّفوا التعبدي بأنه ما لا يحصل الغرض منه إلّا بقصد القربة ، والتوصلي ما يحصل الغرض منه ولو بدون قصد القربة فلا بدّ لنا أوّلا من ذكر المباني حيث إنّه باختلاف المعنى تختلف النتيجة فنقول :
الحقّ أنّ التوصلي هو ما لا يلزم فيه جهة الخضوع والعبودية ، والتعبدي بخلافه فكلّ ما كان فيه جهة عبودية المولى يكون تعبديا وكلّ ما لم يكن كذلك يكون توصليا ، وبالفارسية : (هر چيزى كه در او جهت پرستش وبندگى باشد) هو التعبدي ، وما لم يكن فيه هذه الجهة هو التوصلي.
واعلم أنّ قصد القربة أو قصد الامتثال لم يكن مربوطا بالتعبدية أو بالتوصلية ، بل قصد القربة يكون معتبرا في ترتّب الثواب ولا نحتاج في كون شيء عبادة إلّا أن يقع الفعل بداعي العبودية ، وهذا غير قصد القربة. وحاصله أنّه لا يلزم في العبادة