وقوع الفعل لله تعالى ، بل يكفي في العباديات أن تكون عبوديّة لله تعالى ومنسوبة إليه ، وما قلنا هو المستفاد من الآيات والأخبار.
ولا شك بأنّ مقصودنا من العبادة هي ما يكون في الآيات والأخبار لا غيرها ، وما هو بمعنى العبادة في الآيات والأخبار هو المعنى الذي قلنا ، حيث إنّ في الموارد التي استعملت العبادة لله في مقابل عبادة الوثن مثلا لم يكن بينهما في العبادية فرق ، فمن عبد الوثن عبد ومن عبد الله تعالى عبد ، غاية الأمر يكون الأوّل عابد الوثن والثاني عابد الله ، وإلّا في جهة العبادية لم يكن بينهما فرق ويلاحظ أنّ من عبد الوثن عبده للتقرّب به أو لقصده أمره أو قصد الامتثال فهكذا لا بدّ أن يكون معنى العبادة لله كذلك ، وهذا واضح.
أو في قوله تعالى : (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) لا شكّ بأنّ العبادة في هذه الآية بمعنى واحد وهو ما يعبّر عنه بالفارسية (پرستش وبندگى) ولا يلزم في العبودية إلّا هذا كما هو المتعارف عند الناس أيضا ولو قلنا من معنى العبادة هو الحقّ وكل من تصوّر كلامنا يصدقه ، لما قلنا من أن هذا المعنى هو المستفاد من الأخبار والآيات.
وأيضا الدليل على صدق دعوانا هو ما قالوا في سجود الحائض فإنّهم قالوا بأنّ سجود الحائض عبادة ومع هذا محرّمة ، فان كانت العبادة محتاجة الى قصد القربة فالحائض الذي حرم عليها السجود كيف يتأتى منها قصد القربة ، فعلى هذا قالوا في توجيهه بأنّ السجود عبادة ذاتية وعلى مذهبنا تكون كلّ العبادات كالسجود فتكون الصلاة الريائية عبادة محرّمة ، إذ لا يلزم في العبودية إلّا عبودية المعبود ففي الصلاة الريائية تكون كذلك ، إذ في الصلاة الريائية يعبد الله لإراءة الناس فتكون عبادة لكن عبادة محرمة ، ولا فرق في سائر العبادات والسجود فكل ما قالوا فيه قلنا في سائر العبادات أيضا وما قالوا في السجود بأنه يكون عبادة ذاتية.