فعلى هذا قالوا بأنّه لا يلزم فيه قصد القربة ، بل يكفي مجرّد كونه عبادة قالوا بانّ سجود الحائض يكون عبادة محرّمة نقول في سائر العبادات أيضا ومناط الكلّ واحد وهو عدم لزوم قصد التقرّب ، بل كفاية إتيان العمل بداعي الخصوص وقصد العبودية ، ومعنى أنّ السجود عبادة ذاتية ليست إلّا أنّه لم تكن من مستحدثات الشارع ، بل تكون قبل الشرع أي تكون عبادة مجعولة ، غاية الأمر قبل الشرع لا أنّها عبادة بلا جعل ، وعلى هذا مجرّد كونها عبادة قبل الشرع لا يوجب الفرق مع سائر العبادات.
فعلى هذا لم تكن عبادة غير محتاجة الى قصد القربة إلّا لما قلنا من كفاية إتيان العمل العبادي التعبّد والخضوع للمولى ، وهذا هو اللازم في كلّ عبادة ولكن ترتّب الثواب على العبادة موقوف على قصد التقرّب.
فعلى هذا على مذاقنا في الباب لا إشكال في أنّ الأصل في المسألة يكون التوصلية فإذا شككنا في واجب أنّه توصلي أو تعبدي فنقول بأنّه توصلي ، لأنّه بعد ما علمنا بأن الاشياء التي أوجبها الشارع لم تكن خارجة عن قسمين.
تارة يكون الغرض من ايجابه اتيان الفعل في الخارج ، وتارة يكون غرضه من ايجابه التعبد. فعلى هذا تكون العبادة محتاجة لبيان الشارع ، يعني بعد ما لم يعلم أنّه بأيّ شيء يحصل التعبد فالشارع يبين ما هو عبادة ، فالعبادة محتاجة الى جعل ووضع من قبل الشارع. فعلى هذا إذا وجب شيء ولم يعلم أنّ وجوبه توصلي أو تعبدي ، فمقتضى الاطلاق كونه توصليا حيث إنّ التعبدية محتاجة لجعل آخر ، لأنّ بالأمر يعلم أنّ الشارع أوجب هذا الشيء ، وأمّا أنّ الشارع جعله عبادة محتاج الى بيان آخر.
والغرض أنّا لم نعلم التعبدية إلّا ببيان من الشارع ، هذا في الأصل اللفظي ، وأمّا الأصل العملي يعني إذا شكّ في أنّ واجبا تعبدي أو توصلي يكون مجرى البراءة أو