نقول بجريان مقدمات الحكمة في الهيئة لا مستقلا ولا أوّلا ، بل بتبع جري المقدمات في المادة ، وعلى هذا لا يرد الإشكال. هذا تمام التحقيق في المقام ، فافهم واغتنم.
المقام السابع :
اختلفوا في أنّ صيغة الأمر إذا وقع عقيب الحظر أو في مقام توهّمه هل يكون ظاهرا في الوجوب أو الاباحة أو يكون تابعا لما قبل النهي ، وقد نسب الى المشهور ظهوره في الاباحة ، والى بعض العامّة ظهوره في الوجوب ، والى بعض تبعيّته لما قبل النهي ، فقال المحقق الخراساني رحمهالله في الكفاية حيث يكون نوع موارد استعمال الصيغة عقيب الحظر بقرائن لم يمكن كشف ظهورها في الوجوب أو غيره من موارد الاستعمالات.
ثم قال بعد ذلك كلام وهذا عين كلامه : (ومع فرض التجريد عنها لم يظهر بعد كونها عقيب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه ، غاية الأمر يكون موجبا لإجمالها غير ظاهرة في واحد منها إلّا بقرينة اخرى) هذا عين كلامه.
ولا يخفى ما في كلامه من المعارضة ، فإنّه قال أوّلا بأنّ الاستعمالات تكون مع القرينة ، فإذا استعمل في الاباحة أو غيرها لم يكن لأجل وقوعها عقيب الحظر ، بل يكون بالقرينة ، ومع ذلك قال في ذيل كلامه المنقول لك أنّه يوجب وقوع الصيغة عقيب الحظر موجبا لإجماله ، وهذا فاسد ، إذ بعد ما كان استعماله في غير معناه الحقيقي وهو الوجوب لأجل القرينة فلم يقول بأنّ وقوعه عقيب الحظر يوجب إجمالها؟ وصرف وقوع الصيغة عقيب الحظر لا يوجب إجمال الصيغة ، لأنّ استعمال اللفظ في معنى إذا كان في البين ما يصلح للقرينية يوجب أن يكون موجبا لإجمال اللفظ ، وأمّا إذا لم يكن كذلك لا يوجب الإجمال.
مثلا إذا ترى أنّ المتكلم في بعض الموارد يعتمد في استعمال لفظ في معنى بالقرينة ، فإذا ترى موردا آخر وتحتمل بأنّ هذا أيضا من هذه الموارد يوجب إجمال اللفظ ،