وأمّا صرف احتمال القرينة إذا لم يكن كذلك لا يوجب الإجمال ففي مقامنا إن رأيت أنّ المتكلم يعتمد في استعمال الصيغة في الإباحة مثلا بقرينة ، وهي كونها بعد الحظر يمكن أن تكون في مورد آخر أيضا لأجل هذا الاحتمال يحتمل بأنّ استعمال الصيغة في الإباحة أو غيرها يكون بهذه القرينة وهو كونه عقيب الحظر.
وأمّا على ما قاله المحقّق المذكور من أنّ في كلّ موارد الاستعمالات تكون قرينة في البين ولم يكن لوقوعه عقيب الحظر مدخلية أصلا فلم يقول بإجمال الصيغة؟ بل لا بدّ له أن يقول بظهوره في الوجوب ، ومجرد أنّ استعمال اللفظ مع القرينة في معنى آخر لا يوجب إجمال اللفظ في معناه الذي كان ظاهرا فيه كما قال المحقّق المذكور في جواب صاحب المعالم قدسسره حيث قال صاحب المعالم قدسسره بأنّ كثرة استعمال الصيغة في الندب يوجب صرف الظهور ويصير مجازا راجحا في الندب.
قال المحقّق المذكور في جوابه بأنّ بعد ما كان استعمال الصيغة في الندب مع القرينة لا يوجب صرف ظهورها عن الوجوب فهكذا لا بدّ أن يقول فيما نحن فيه والكلام الكلام فما هو التحقيق في المقام هو أنّ الأمر بشيء يكون على قسمين فتارة يكون في احداث المقتضي في المكلف ، وتارة يكون برفع المانع ، مثلا تارة أوجب الصلاة ويكون وجوبه معناه هو إحداث المقتضي في المكلّف ففي ما كان كذلك لا بدّ من حمل الأمر إمّا على الوجوب أو على الاستحباب كلّ على مذهبه ، وأمّا إذا كان الداعي على البعث أو الطلب هو رفع المانع كما في ما نحن فيه لا بدّ من حمله على الاباحة.
غاية الأمر لا من أجل أنّ الآمر يستعمل الصيغة في الإباحة ، بل من أجل أن المكلّف بعد أن رفع الآمر المانع يحمله على الاباحة لأجل أنّ رفع المانع يكون مساوقا مع الاباحة ، فعلى هذا لو دلّ دليل من الخارج بوجوبه أو استحبابه مثلا لم تكن الاباحة معارضة مع هذا الدليل ؛ لأنّ أخذ الاباحة يكون من باب القدر المتيقن ، والفرق واضح بين ما إذا كان الأمر في مقام بيان الإباحة وجعله مباحا وبين