الموضع الأول :
أنّ الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي بل بالأمر الظاهري والاضطراري يجزي عن التعبد به ثانيا ، ولا يخفى أنّ هذا واضح من أنّ الاتيان بالمأمور به يوجب إجزاء أمره ، مثلا اذا أمر بالصلاة وأتى به المكلّف فلا معنى لبقاء الأمر ، ولا فرق في الأمر الواقعي والظاهري والاضطراري ؛ لأنّ الأمر الاضطراري مثلا أيضا يسقط بإتيانه فلا معنى لبقائه بداهة ، وقد علم في محلّه وثبت بأنّ بقاء الأمر وطلب شيء يكون في التكوينيات مجال ؛ لأنّ الشيء بعد وجوده يكون قابلا للوجود الآخر ويكون تحصيل للحاصل ، مثلا إذا أراد الله تعالى إيجاد انسان ووجد الانسان فلا يعقل أن تبقى إرادته وطلبه بالنسبة الى ايجاد هذا الإنسان الموجود ، لاستحالته.
ويكون بقاء الأمر في التشريعيات قبيح مثلا إذا تعلّق غرض المولى بإتيان الصلاة عن المكلّف ، فإذا أتى به المكلّف ولو لم يكن أمره ثانيا محالا إلّا أنّه قبيح لأجل حصول غرضه.
فعلى هذا إمّا يكون الطلب والأمر متعلّقا بالطبيعة ، وإمّا بالفرد ، فإن كان متعلقا بالطبيعة فالطبيعة باتيان فرد وجد في الخارج فلا معنى لبقاء الأمر وإن كان الطلب متعلّقا بالفرد ، فبقاء الأمر مستلزم للمحذور المتقدّم وهو طلب تحصيل الحاصل ، وهذا قبيح ، تعالى الله عن ذلك ، وهذا واضح وليس قابلا للبحث ، غاية الأمر أنّه حيث إنّ بعض العامّة خذلهم الله قالوا بعدم الإجزاء يصير موجبا لتوهّم بعض ، وقد ظهر لك أنّ في هذا المقام يكون إتيان المأمور به مجزيا بلا ارتياب.
الموضع الثاني :
ففيه أيضا موردان للكلام : المورد الأوّل في أنّ إتيان المأمور به بالأمر الاضطراري يجزي عن الإتيان بالمأمور به الواقعي ، ثانيا بعد رفع الاضطرار في