ذاتية بين هذه المسائل فيقال بأنّ في مسائل اصول الفقه حيث لم تكن هذه الوحدة ـ أعني الوحدة الذاتية ـ موجودة فلم يكن علم الأصول علما مستقلا وفنّا خاصا ؛ لأنّك ترى أنّ مسائله مختلفة ، فبعضها من النحو ، وبعضها من المعقول ، وغير ذلك ممّا لم يكن بينها وحدة ذاتية.
هذا حاصل ما يمكن أن يقال في عدم كون علم الاصول علما مستقلا ، ولذا ترى أنّ بعضا من العلماء المتعرضين لمسائل الاصول تعرضوا لذكرها في مقدمة الفقه ولم يدونوها مستقلة ، كما ترى في معالم الاصول وكذلك معتبر المحقّق ، غاية الأمر أنّ بعضهم أيضا تعرّض لها مستقلة.
وأوّل من كتب في الاصول من العامّة هو محمد بن حسن الشيباني وأبو يوسف القاضي ، وهما من تلامذة أبي حنيفة ، فما قيل ـ والقائل السيوطي ـ بأنّ أوّل من صنّفه هو الشافعي ، وكان اسم كتابه حجّة الحجج لا وجه له ؛ لما قلنا من أنّ أوّل من دوّن هو الشيباني وأبو يوسف من العامّة وليس كتاب الشافعي مسمّى بحجّة الحجج ، بل كان اسمه الرسالة.
وأوّل من صنّف في الاصول من الامامية هو الشيخ المفيد وكتابه طبع ضمن كتاب كنز العرفان للكراجكي ، كما قال السيّد الاستاذ ، ويظهر ذلك من كلمات الشيخ هادي الطهراني.
إذا عرفت ذلك فنقول : أمّا ما قيل من عدم كفاية الوحدة الاعتبارية في صيرورة مسائل مختلفة علما واحدا مستقلا ففي محلّه. وأمّا كون بين مسائل الاصول وحدة حقيقية ذاتية حتى تكون من مسائل علم واحد ـ يعني من مسائل علم الاصول ـ أو عدم كون وحدة ذاتية بينها حتى لا يكون علم الاصول علما مستقلا فلا بدّ أوّلا من فهم الحيث الذي يجيء من ناحيته الوحدة الحقيقية ، أعني الوحدة الذاتية. وثانيا ندقق حتى نرى أنّ هذا الحيث الذي يأتي من قبله الوحدة الذاتية يكون في مسائل