اصول الفقه حتى يكون علما واحدا ، أو لا يكون حتى لا يكون علما واحدا مستقلا ، فنقول :
أمّا الكلام في ما يمكن أن يأتي من قبله الوحدة فهو لا يكون خارجا عن أحد الامور الثلاثة فهي إمّا موضوعات المسائل ، وإمّا المحمولات ، وإمّا الأغراض.
ولا يخفى عليك أنّ المراد بالغرض في المقام يعني في مقام تمايز العلوم هو الأثر المترتّب على الموضوعات والمحمولات ذاتا لا الغرض المدوّن ؛ لأنّ هذا ليس مورد الكلام ، بل مورد الكلام ومراد من يقول بكون تمايز العلوم بالأغراض وكذا من أراد ذلك هو الأغراض المترتّبة بنفسها يعني الأثر المترتّب على الموضوعات والمحمولات ذاتا مع قطع النظر عن أنّ المدوّن هو الغرض ، فمن توهّم بأنّ المراد من الغرض هو الغرض الذي كان في نظر المدوّن وبعبارة اخرى العلّة الغائية لا مجال لتوهمه وليس في محلّه ؛ لأنّ للموضوعات والمحمولات أثر وغرض ذاتا مع قطع النظر عن الغرض الذي دوّن المدوّن لأجله العلم ، فافهم.
أمّا المحمولات فليست الوجه الذي به يمتاز بعض العلوم عن البعض ، فليست الحيث الذي يجيء من ناحيته وحدة ذاتية ، وإلّا فيصير كلّ مسألة علما على حدة باختلاف محمولاتها فيما كان المحمول في كلّ مسألة مختلفا مع محمول مسألة اخرى ، أو يلزم كون كلّ باب علما لكون محموله غير محمول باب آخر ، مثلا يصير علم الفقه علوما ؛ لأنّ محمول بعض مسائله الوجوب ، ومحمول بعض مسائله الحرمة ، وبعضها الاستحباب ، وبعضها الكراهة وبعضها الاباحة. والارتكاز شاهد على عدم كون الأمر كذلك ، وأنّه ليس كل باب من علم علما على حدة ، وكيف يمكن الالتزام بكون علم النحو علوما باعتبار تعدّد المحمولات ، ففي بعضها يكون المحمول الرفع فتقول : الفاعل مرفوع ، وفي بعضها النصب فتقول : المفعول منصوب ، وفي بعضها الجر فتقول : المضاف إليه مجرور؟! وكذلك في علم الحكمة كيف تقول بكونه علمين باعتبار الجوهر