وعلى الثاني يكون القيد قيد المادة ، وهذا هو محلّ النزاع بين الشيخ أعلى الله مقامه وبين المحقّق الخراساني رحمهالله وبعض آخر ، فالشيخ يكون قائلا بأنّه في الواجبات المشروطة يكون القيد قيد المادّة وأنّ الواجب يكون مشروطا والمحقّق الخراساني رحمهالله قائل بأنّ القيد يكون راجعا الى الهيئة وأنّ الوجوب يكون مشروطا.
واعلم أنّ هذا النزاع لم يكن نزاعا لفظيا بل هو النزاع اللبي ، ولا يخفى أنّه يرد على كلّ من المذهبين بعض الإيرادات فلا بدّ للقائل بكلّ من المذهبين من دفع الإيراد الوارد على مذهبه.
واعلم أنّه على من قال بأنّ القيد يكون راجعا الى الهيئة يرد عليه إيرادان.
الأوّل : أنّه يلزم التعليق في الإنشاء ؛ لأنّ الوجوب هو الانشاء ويكون من قبيل الانشائيات والأمر في الانشائيّات يكون دائرا بين الوجود والعدم ، فإذا تعلقت الإرادة بشيء ويحصل الشوق المؤكّد بطرف فعل أنشأه ويطلبه ، وإذا لم يحصل هذا الشوق المؤكّد لم ينشئه أصلا فلا يمكن في الانشائيات أن ينشأ مطلقا ، بل إذا حصل له تمام الشرائط ينشأ ، وهذا لأنّ الإنشاء مستتبع للإرادة وأن الإنسان إذا نظر الى شيء ويلاحظ أطرافه ، فإمّا أن يحصل له الإرادة الى فعله فينشئ ويطلب إيجاده ، وإمّا أن يحصل له الإرادة الى تركه فيطلب وينشئ تركه ، فما دام لم يوجد شرطه لا يصير موردا للارادة فعلى هذا لا يمكن التعليق في الإنشاء. وكان لازم قول من قال بأنّ القيد راجع الى قيد الوجوب هو أن يلتزم بجواز التعليق في الإنشائيات ولم يمكن الالتزام به.
الثاني : يرد عليه أنّه كيف يمكن الاطلاق والتقييد في الهيئة مع أنّ الهيئة تكون معنى آليا وقد اخذ آلة لملاحظة الغير ولم يكن النظر اليه؟! والحال أنّ الإطلاق والتقييد يكون فرع أنّ الآمر يكون نظره اليه ، والمفروض أنّ الآمر لا يكون نظره الى توجّه المأمور نحو الفعل ، غاية الأمر حيث إنّ المادة لم تكن إلّا طبيعة لا بشرط