يترك المكلّف الإزالة ، ومع هذا لا يفعل الصلاة ، فإذا يكون ترك الضدّ واجبا إن قلنا بوجوب مطلق المقدمة ، ولو لم يصل أصلا. ثم إنّ كلّ ما قلنا من أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه كان على تصوير المقدمة وأن يكون المراد من الاقتضاء هو المقدمية.
وأمّا إن قلنا بأنّ المراد من اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه هو التلازم فلا يخفى أنّه لم يثبت المطلوب ولا يدلّ على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه ؛ لأنّ ما قالوا من الاستدلال على هذا المطلب لم يكن تامّا ، لأنّهم استدلّوا على ذلك بأنّه يلزم اتحاد المتلازمين في الحكم ، فإذا إذا كان وجود الضدّ يلازم ترك ضدّه يلزم أن يكون حكمهما واحد ، فإذا كان وجود الصلاة مثلا واجبا يكون ترك الإزالة الذي يكون ملازما لوجود الصلاة واجبا.
ولا يخفى عليك أنّه قد أجابوا عن هذا التقرير وكان جوابه مشهورا بأنّه لا يلزم أن يكون المتلازمان متحدين في الحكم ، بل ما هو يكون لازما هو عدم اختلافهما في الحكم ، فعلى هذا يكفي أن يكون أحد المتلازمين بلا حكم من رأس ، أو يكون حكمه الاباحة ولم تكن الإباحة منافية للوجوب ، مثلا إذا كان أحد المتلازمين واجبا والآخر مباحا لم يكن مختلفا في الحكم.
فقد ظهر لك أنّ الأمر بالشيء لم يكن مقتضيا للنهي عن ضدّه من باب الملازمة.
ثم إنّه قال بعض باقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه العام من باب العينية فإن كان مراده من العينية أنّه إذا أمر بشيء يكون أمره حقيقة منحلّا بأمرين أحدهما الأمر بالشيء والآخر الأمر بترك ضدّه ، فواضح أنّه لم يكن كذلك ولا يكون في المقام إلّا أمر واحد.
وإن أراد بذلك الكلام أنّ الأمر واحد إلّا أنّه يعبّرون عنه كذلك ، مثل إنّه إذا أمر بشيء تقولون بأنّه أمر بفعل الشيء ونهى عن تركه ، فلا يخفى أنّه لم يكن هنا أمر