فهم أنّ العارض يكون عرضا ذاتيا للشيء أو لا هو انه ـ بعد صحّة الحمل في كلّ منهما فيقال الإنسان ناطق ، ويقال أيضا : الإنسان ضاحك ـ إذا قيل : لم حمل : فقيل لأنّه هو ، فالعرض عرض ذاتي وإلّا فلا.
مثلا فإذا قلت : «الإنسان ناطق لأنّه إنسان» فالنطق ـ الذي هو العرض ـ عرض ذاتي للانسان. وأمّا في المثال الثاني فنقول : «الإنسان ضاحك لأنّه متعجّب» لا لأنّه إنسان فالضحك ليس عرضا ذاتيا وإلّا ففي كلّ منهما يحمل العارض على المعروض وإن كان في عروضه للموضوع محتاجا الى أمر آخر ، فهذا القسم ـ أعني ما يعرض للشيء أوّلا وبالذات وبما هو هو ـ هو المسمّى بالعرض الذاتي.
القسم الثاني : ما يعرض للشيء بواسطة أمر آخر وهو المسمّى بالعرض الغريب ، وهذا على قسمين ؛ لأنّ الواسطة إمّا داخلية وإمّا خارجية ، أمّا الداخلية أيضا فقسمين ؛ لأن الواسطة إمّا مساو للمعروض كالتكلم العارض للانسان بواسطة النطق فإنّ النطق مساو مع الانسان المعروض ، وإمّا أن تكون الواسطة أعمّ من المعروض كالحركة الإرادية التي تعرض للانسان بواسطة الحيوان ، فالحيوان وهو الواسطة أعمّ من الانسان المعروض ، وليس هنا قسما ثالثا يعني ما يكون الواسطة واسطة داخلية أخصّ ؛ لأنّ الجزء لا يمكن أن يكون أخصّ من الكلّ.
وأمّا الواسطة الخارجية فهي على أربعة أقسام ؛ لأنّ الواسطة الخارجية إمّا أعم وإمّا أخص وإمّا مساو وإمّا مباين مع المعروض ، فالأوّل كعروض التحيّز للأبيض بواسطة الجسم ، وهو أعمّ من الأبيض ، والثاني كعروض الضحك للحيوان بواسطة أمر أخص وهو الإنسان ، والثالث كعروض الضحك للإنسان بواسطة أمر مساو للانسان وهو التعجّب ، وأمّا الرابع كالحرارة العارضة للماء بواسطة النار المباين مع