إذا عرفت ذلك كلّه لا إشكال في أنّ في كلّ علم يبحث عن العوارض الذاتية للموضوع.
وكذلك الحق هو البحث في العلم عمّا يعرض للموضوع بواسطة أمر مساو له سواء كان هذا الأمر المساوي واسطة داخلية أو خارجية ؛ لأنّ بعد كون الميزان في ما يبحث في العلم عمّا يعرض لنفس الموضوع فقط ، لا لأمر آخر فنقول بأنّ عرض المساوي لا يعرض لغير الموضوع ولا يحمل على غيره ، فلا يحمل التكلّم على غير الانسان وإن عرض للناطق فهو أيضا ليس غير الانسان ، وكذلك المساوي الخارجي فإنّ الضحك لا يعرض للانسان بلا واسطة ، بل يعرض بواسطة التعجب ، وهو لا يعرض إلّا للإنسان ، وما هو لا يعرض إلّا للإنسان أيضا وهو التعجب ، فلذا تقول : كلّ إنسان متعجّب ، وكلّ متعجب إنسان ، وكذلك تقول : كلّ إنسان ضاحك ، وكلّ ضاحك إنسان ، فحيث إنّ العرض الذي يعرض للشيء بواسطة الأمر المساوي لا يعرض الّا لهذا الشيء فهو كالعوارض الذاتية ، فلو كان للموضوع عوارض من هذا القبيل يبحث في العلم عنه.
فظهر لك أنّ موضوع كلّ علم ما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية لا خصوص ما يعرض للشيء أوّلا وبالذات ، بل ولو يعرض بواسطة أمر مساو داخلي أو أمر مساو خارج عن الشيء.
ثم إنّ هنا إشكالا وهو أنّكم تقولون بأنّ في العلم يبحث عن العوارض الذاتية للموضوع ، ولازم ذلك عدم كون بعض المسائل بل الأغلب من عوارض الموضوع ، مثلا في علم النحو الاعراب والبناء ليس من عوارض نفس الموضوع يعني نفس الكلمة ، مثلا مرفوع في مسألة «الفاعل مرفوع» التي يبحث فيها في علم النحو ليس من عوارض نفس الكلمة ، بل يكون من عوارض الفاعل ، وكذلك في المفعول