بل يكون المراد هو أنّ بين الأحكام تعاند وتنافي مثلا يكون الحكم الايجابي مع الحكم التحريمي معاندا ، ولا يمكن اجتماعهما.
ضرورة أنّ الحكم إن كان هو الإرادة فواضح أنّ إرادة شيء في حال مع إرادة تركه لا يمكن ، وكيف يمكن أن يريد المولى الصلاة في هذا الحال ، ومع هذا يريد تركه أيضا في هذا الحال؟ وكذا الحال لو كان الحكم أمرا اعتباريا فكذلك لا يمكن أن يبعث المولى ومع هذا يزجر عن شيء ، والبعث والزجر بالنسبة الى شيء واحد أيضا لا يمكن. فعلى هذا ولو لم يكن بين الأحكام الضدّية الاصطلاحية إلّا أنّه بينها يكون التعاند والتنافي ، وهذا يكفي لنا. وما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله أيضا يكون ناظرا الى ما قلنا.
ثم يكون بعد هذا النزاع وثبوت أنّ بين الأحكام يكون التنافي والتعاند نزاع آخر وهو أنّ هذا التنافي والتعاند الذي يكون بين الأحكام هل يكون في مرتبة إنشاء الأحكام أو مرتبة الفعلية أو مرتبة التنجز؟ فمن ظاهر عبارة المحقّق الخراساني في هذا المقام يظهر أنّ التعاند بين الأحكام يكون في مرتبة الفعلية حيث قال في المقدمة الاولى من مقدمات استدلاله على عدم جواز اجتماع الامر والنهي : (أنّه لا ريب في أنّ الأحكام الخمسة متضادّة في مقام فعليتها وبلوغها الى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البعث نحو واحد في زمان والزجر عنه في ذلك الزمان) ولكن يظهر من كلامه خلاف ذلك حيث قال : إنّه على القول بالامتناع وتغليب جانب النهي لو كان جاهلا بالحرام وكان جهله عن قصور مثلا أتى بالصلاة في الدار المغصوبة وكان جاهلا بالحرمة ويكون جهله عن قصور يصير ممتثلا ولكن لم يكن مأمورا بها.
ويظهر من هذا الكلام أنّه يكون التضادّ بين الوجوب والحرمة في مرتبة الاقتضاء وإلّا لو كان في مرتبة الفعلية فلم لا تكون الصلاة المأتي بها مأمورا بها حيث إنّ