ثم بعد ذلك نقول : إنّه قد قال في حاشية المنطق : إنّ مفهوم الكلّي يسمّى كلّيا منطقيا ، ومعروضه طبيعيا ، والمجموع عقليا. لا إشكال في أنّ معنى هذه العبارة وكذلك مقتضى التحقيق هو أنّ ما نفهم من الكلّي وهو فرض صدقه على كثيرين يكون عبارة عن الكلّي المنطقي ومعروض الكلّية يكون الكلّي الطبيعي بمعنى أنّ ذات الشيء مع قطع النظر عن عوارضه حتّى صدقه على كثيرين يكون الكلّي الطبيعي :
فالكلّي الطبيعي هو عبارة عن الذات وذاتيات الشيء ولم يلاحظ فيه إلّا ذاتيات الشيء ومجموع العارض والمعروض يكون هو الكلّي العقلي بمعنى أنّ الكلّي العقلي هو عبارة عن ذاتيات الشيء مع فرض صدقه على كثيرين فمجموع العارض وهو الصدق على كثيرين ، والمعروض وهو ذاتيات الشيء التي تكون عبارة عن الطبيعي هو الكلّي العقليّ.
فإذا عرفت الفرق بين الكلّي الطبيعي والعقلي لا إشكال في أنّ الطبيعي يوجد في الخارج كما يوجد في الذهن ، لأنّه لم يقيّد بكونه في الذهن وأمّا الكلّي العقلي فلا يمكن أن يوجد في الخارج ، حيث إنّ الكلّي العقلي على ما قلنا لك يكون عبارة عن الذات وذاتيات الشيء مع فرض صدقه على كثيرين ، ولا إشكال في أنّه مع هذا العارض كيف يمكن أن يوجد في الخارج ولو مع عدم لحاظ ذهنيته ؛ لأنّ الكلية إنّما تنتزع من الماهية المتصوّرة في الذهن؟
فعلى هذا نقول : تارة يلاحظ الملاحظ صرف ذاتيات الشيء ويحكم عليه بحكم وتارة يلاحظ ذاتيات الشيء مع فرض صدقه على كثيرين ويحكم عليه بحكم ، وفي اللحاظ الأوّل لاحظ الملاحظ ذاتيات الشيء فقط حتى في هذا اللحاظ لم يكن ملتفتا بكليّته وفرض صدقه على كثيرين ولا سائر عوارضه ، فإذا كان ملحوظ الملاحظ صرف ذاتيات الشيء كما يمكن عروض المحمول عليه في الذهن كذلك يمكن عروض المحمول عليه في الخارج ، ويمكن وجود الطبيعي والحكم عليه ذهنا