قال في الصورة الثالثة من أنّه إذا كان الشكّ في الأقلّ والأكثر كما اذا شكّ في أنّ الشيء الفلاني يكون شرطا أو مانعا ، فإن كان ما قاله من البراءة صحيح ، إلّا أنّه أيضا لم يكن من أجل النهي ، بل كلّما شكّ في الأقلّ والأكثر يكون مجرى البراءة ولو لم يكن النهي في البين عقلا ونقلا.
وفي تقريرات النائيني رحمهالله أيضا كلام وحاصله راجع الى أنّ الشكّ إذا كان في الشبهة الموضوعية يكون مقتضي قاعدة الاشتغال هو الحكم بالفساد ، وأمّا إذا كان من جهة الشبهة الحكمية فيرجع الشكّ الى المانعية وعدمها فتبنى الصحّة والفساد على الخلاف في البراءة والاشتغال عند الشكّ في الجزئية والشرطية والمانعية.
ولكن لا يخفى عليك أنّ هذا الكلام وإن كان صحيحا إلّا أنّه لم يكن من أجل طروّ النهي ، بل مطلقا ولو لم يكن نهي إذا كان منشأ الشكّ ما قاله يكون مقتضي الأصل ما قال. فعرفت بما قلنا أنّ في مورد الشكّ مع الصحّة والفساد بعد طروّ النهي بالعبادة لا يكون أصل في المسألة الاصولية ، فافهم.
الأمر الثامن : أنّ النهي بالعبادة إذا تعلق بها إمّا أن يتعلّق بنفس العبادة فيكون داخلا فى محلّ النزاع ، وتعلّق النهي بنفس العبادة أيضا يكون على نحوين ، فإمّا أن يتعلّق النهي بنفس العبادة لأجلها وإمّا أن يتعلّق بالعبادة ولكن لا لأجلها ، بل لأجل جزء من أجزاء العبادة ولكن يكون النهي متعلّقا بنفس العبادة ويكون النهي بالعبادة بالعرض والمجاز ، وتارة يتعلّق النهي بجزء العبادة فلا إشكال في عدم كونه داخلا في محلّ النزاع ، بمعنى أنّه إذا تعلّق النهي بجزء العبادة فلا يوجب فساد العبادة إذا أتى بالجزء ثانيا ، فإذا أتى بالجزء المنهي عنه ثانيا وتبدّل بما لا يكون منهيا عنه فقد أتى بما هو مأمور به ، ولا يوجب فساد العبادة.
نعم يمكن فساد العبادة من جهة اخرى كما تكون العبادة بنحو يوجب الزيادة أو النقيصة بطلان العبادة ، فإذا كان كذلك وإن كان يوجب فساد العبادة إلّا أنّ هذا لم