ليس إلّا إطاعة المولى وأنّ في الحقيقة جعل حقّا للمولى على العبد وهو أمر آخر غير التصرفات ، فليس في محلّه.
ضرورة أنّه يلزم على ما قاله أنّه إذا نهى السيد عن عبادة تقع صحيحة ، حيث إنّ هذه العبادة لم تكن فرد العبادة ومصداقها ، مثلا إذا نهى السيد أو الأب عن الصوم المستحب عبده أو ابنه فلا إشكال في بطلان الصوم ، والحال أنّه مع ما ذهب اليه هذا القائل لا يلزم البطلان وكان صحيحا ؛ لأنّ هذا لم يكن مورد نهي الشارع ولا يمكن الالتزام بالصحّة في الصوم المنهي عنه السيد وكذا في سائر العبادات.
فمن هنا نكشف أنّ الإطاعة تكون فرد هذه التصرفات ولا يكون شيء آخر ما عداها وأنّ الإطاعة أو العصيان تكونان فردي هذه التصرفات ، فإنّ أمر المولى بشيء وأتى العبد به أطاع المولى وإن خالف عصى السيد ، وإذا عصى السيد عصى الله تعالى ، وإن نهى السيد عن شيء ولم ينته العبد عصى السيد ، وإذا عصى السيد عصى الله تعالى ، فالإطاعة ليست أمرا سوى هذا التصرف ، وواضح أنّ التصرف فرد الإطاعة والعصيان ، فاذا وقعت التصرفات على وفق مراد السيد أطاع العبد سيده وإن وقع على خلاف مراد السيد عصى العبد سيده ، فظهر لك فساد ما قاله.
ثم إنّه لا يخفى عليك أنّ أبا حنيفة وبعض آخر قالوا بدلالة النهي على الصحّة وأنّ النهي إذا تعلّق بمعاملة أو عبادة يوجب صحّة العبادة أو المعاملة واستدلّوا على ذلك بأنّه تعتبر القدرة في التكليف ، فإذا كانت العبادة بنحو إذا وقعت وقعت فاسدة ، وكذا المعاملة اذا وقعت ، وقعت فاسدة فلم تكن للمكلف قدرة حتى يتوجه اليه النهي ، فلا بدّ من وقوعهما صحيحة حتى يكون المكلّف قادرا ، لأنّه يصير قادرا إذا كان قادرا على إتيان العبادة أو المعاملة صحيحة أو فاسدة ، وأمّا إذا لم يكن قادرا بإتيانها صحيحة فلم يكن له القدرة فلا يمكن توجه النهي اليه. فعلى هذا لو كان قادرا على اتيانهما صحيحة وتقع صحيحة فيوجب تعلّق النهي بالصحة فعلى هذا مع