والمطلق ، فقد فرّق بعض بينهما بأنّ العام هو ما كان مستفادا من اللفظ ، والمطلق ما يستفاد من مقدمات الحكمة ، ولكن فساد هذا المقال يكون واضحا حيث إنّ كثيرا ما يستفاد الاطلاق من اللفظ ويكون مذهب المتقدمين الى زمان سلطان العلماء هو أنّ العموم والاطلاق مستفاد من اللفظ ، وأيضا قد يستفاد العموم من مقدمات الحكمة كما قال به صاحب المعالم رحمهالله في عموم (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ولذا عبّر عنه بالعموم الحكمي ، وهذا الفرق ليس بجيد.
وكذلك لا يمكن الفرق بين العام والخاص بأنّ العام يكون بالوضع والاطلاق يستفاد من مقدمات ، الحكمة لما قلنا من أنّ العام أيضا في بعض الموارد يكون مستفادا من مقدمات الحكمة. فعلى هذا نقول : كلّ مورد يكون تعلّق الحكم بالأفراد ولو بواسطة الطبيعة يكون عاما ، وكل ما يكون الحكم على الطبيعة لا بلحاظ سريانها الى الأفراد فيكون مطلقا.
والحاصل أنّه إذا كان الأفراد متعلّقا للحكم ولا يكون الطبيعة متعلّقا للحكم يكون عامّا ، فمورد العام يكون فيما كان أفراد الطبيعة موردا للحكم ، وإذا كانت الطبيعة متعلّقة للحكم يكون مطلقا ، فمورد المطلق ما يكون الحكم على نفس الطبيعة وأحسن تعريف للمطلق بأنّ المطلق ما دلّ على شايع في جنسه فالمطلق يدل على المعنى الذي يكون شايعا في جنسه وهي الطبيعة ، بخلاف العام فإنّه هو الشمول والسريان فهو بنفسه دالّ على الشمول والسريان الى الأفراد ولا يكون محتاجا الى شيء آخر ، بخلاف المطلق فإنّه يدلّ على الطبيعة والطبيعة دالّة على الشيوع في الأفراد ، فالحكم في المطلق على الطبيعة وفي العام يكون على الأفراد. وهذا هو الفرق بين العام والخاص بلا إشكال. وممّا قلنا يظهر لك أمران :
الأوّل : أنّ الفرق بين العام والخاص لا يكون ما قالوا من أنّ العام يكون بالوضع والمطلق بمقدّمات الحكمة ، لما قلنا من أنّ العام أيضا قد يستفاد من مقدمات الحكمة.