يكون هذا الاختلاف من ناحية الحكم.
لا يخفى عليك أنّه تكون ألفاظ العام مختلفة فبعض من ألفاظه يدلّ على الأفرادي والمجموعي والبدلي ، وبعض منها لا يدلّ إلّا على بعض الأقسام ، ولا إشكال في أنّ الجميع والمجموع مختلف وأنّ الجمع المحلّى بالألف واللام لا يكون دالّا على العموم البدلي مثلا فلا يمكن القول مطلقا بأنّ الاختلاف في أقسام العام يكون من ناحية الحكم لما قلنا ، كما أنّه لا يمكن أن يقال بأنّ الاختلاف بين الأقسام يكون مطلقا من ناحية الموضوع ، لما قلنا من أنّ بعض ألفاظ العام يدلّ على الأفرادي والمجموعي والبدلي.
فما قاله المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية من أنّ شمول العام في كلّ من الأقسام يكون بنحو واحد وإنّما الاختلاف يكون من ناحية الحكم إن كان مراده أنّ العام يكون معناه الشمول ، ولا فرق له في الأقسام فيكون صحيحا وإن كان غرضه أنّ ألفاظ العام لا تكون مختلفة في شمولها الأقسام الثلاثة فغير صحيح ، لما قلنا لك من أنّ ألفاظ العام تكون مختلفة فبعضها يدلّ على جميع الأقسام الثلاثة ، وبعضها لا يدلّ إلّا على بعض الأقسام ، وهذا واضح لا سترة فيه.
ثم إنّه لبعض العامة كلام وهو أنّ ألفاظ العموم موضوعة للخصوص ، وهذا الكلام كلام فاسد ولا يليق أن يبحث عنه ، لأنّه لا يكون لكلامهم معنى صحيح ، حيث إنّ مرادهم هو أنّ ألفاظ العام تكون حقيقة للخصوص فنسأل منهم أنّه حقيقة في أيّ مرتبة من الخصوص؟ فإذا لم يكن موضوعا للعموم فبأيّ دليل تقولون حقيقة في الخصوص؟ وما مرادكم؟ وفي أي مرتبة من الخصوص يكون حقيقة؟ غاية ما يمكن أن يقال : إنّه لم يكن لفظ العموم موضوعا وحقيقة في العموم ، وأمّا كونه حقيقة في الخصوص فلا يكون معقولا :
أولا : لما قلنا من أنّ في أيّ مرتبة من الخصوص يكون حقيقة!