الوجه الأوّل : أنّه بعد ما كان المخصّص منفصلا فالمفروض أنّ ظهور العام ينعقد ويكون حجّة في تمام الأفراد ، والقدر المسلّم من عدم حجّيته يكون بالنسبة الى الفرد المعلوم خروجه لأجل التخصيص ويكون العام حجّة في الفرد المشكوك ، حيث إنّ ما لم يقم حجّة على الخلاف يكون العام حجّة ، والمفروض أنّ الحجّة على الخلاف غير معلومة فيكون العامّ في المشكوك حجّة ، ولو كان الشكّ في الشبهة المصداقية كما تقول في الشبهة من حيث المفهوم كيف؟ والحال أنّك تقول في الاصول العملية بحجّية عموماتها حتى في الشبهات المصداقية مثلا بمقتضى (كلّ شيء لك حلال) تقول في فرد شكّ في خمريته مع ثبوت حرمة الخمر بأنّ شرب هذا الفرد المشكوك يكون حلالا ، والحال أنّ الشبهة تكون مصداقية ففي الاصول العملية التي تكون أضعف من الاصول اللفظية التي تقول بحجّيتها في الشبهات المصداقية وأمّا إن لم تقل بهذا في الاصول اللفظية والحال أنّ الاصول اللفظية تكون أقوى من الاصول العملية.
وأمّا الجواب عن هذا الوجه أنّه ما قلت من أنّ العام ثبتت حجّيته في الفرد والتخصيص مشكوك نقول بأنّ الرجوع الى العام يكون لأجل كشف مراد المتكلم في صورة الشك ، فإذا رجعنا الى العام نكشف مراد المتكلم ويمكن كشف مراد المتكلم ، وأمّا كلّ مورد يكون مراد المتكلم معلوما فلا يكون للرجوع الى العام وجه ، حيث إنّ العام حيث كان كاشفا عن مراد المولى يكون حجّة ويلزم العمل بمقتضاه.
فنقول فيما خصّص العام ونشكّ في فرد أنّه يكون فرد العام حتى يكون محكوما بحكم العام أو يكون فرد الخاص حتى يكون محكوما بحكم الخاص ، فلا إشكال في أنّ مراد المولى يكون معلوما ، فعلى هذا لا يزيدنا الرجوع الى العام شيئا ، مثلا إذا قال : (أكرم العلماء) و (لا تكرم الفسّاق) فنعلم أنّ مراد المولى يكون إكرام العلماء الذين يكونون غير فاسقين ولكن نشك في زيد بأنّه هل يكون فاسقا حتى لا يجوز