كان فيه التعيين بما هو معيّن ووضع اللفظ بحذاء المعنى المعيّن بما هو معيّن يصيّر اللفظ معرفة ، فلا بدّ في المعرفة مضافا إلى كون المعنى معيّنا من زيادة ما هو معيّن ، فنقول : إنّ اسم الجنس حيث لم يكن كذلك تكون نكرة وعلم الجنس حيث وضع المعنى المعيّن بما هو معيّن يكون لفظه معرفة.
وفيه أنّا نرى بالوجدان بأنّ أحدا من الواضعين حين وضع المعنى لم يلاحظ هذا الحيث حين الوضع ـ بما هو معيّن ـ مثلا أنت في الحين الذي سمّيت اسم ابنك بمحمد هل تلاحظ ذات ابنك المعيّن بما هو معيّن أو تلاحظ نفس ابنك؟ فلا إشكال في أنّ الملحوظ هو ذات الابن المعيّن ، فهذا الكلام كلام يشهد الوجدان على خلافه.
ثم بعد ما عرفت من عدم تمامية ما قالوا في وجه الفرق بين علم الجنس واسم الجنس وكون الأوّل معرفة والثاني نكرة نقول : والذي يكون مقتضى التحقيق في المقام في وجه الفرق بينهما هو أن يقال بأنّ لحاظ الطبيعة يمكن أن يكون على نحوين :
فتارة يلاحظ اللاحظ الطبيعة في مقابل سائر الطبائع مثلا يلاحظ الانسان في مقابل الحجر ولم يلاحظ أفراده أصلا ولم تكن الأفراد منظورة ، بل لا نظر له إلّا بنفس الطبيعة في مقابل سائر الطبائع ، وحيث إنّ لفظ المعرفة هو لفظ دالّ على معنى يكون متعيّنا في نفسه والنكرة بخلافها تكون لفظ موضوع للطبيعة الملحوظة بهذا اللحاظ أي في مقابل سائر الطبائع ـ معرفة ؛ لأنّ كلّ طبيعة إذا لوحظت في قبال سائر الطبائع يكون فيها التعيين بنفسها ، وهذا بديهي ، مثلا طبيعة المرأة في قبال طبيعة الرجل فيها التعيين فكل لفظ وضع للطبيعة بهذا اللحاظ يكون معرفة لتعيّن معناه بنفسه وعلم الجنس حيث يكون موضوعا للطبيعة الملحوظة بهذا اللحاظ يكون معرفة.
وتارة يلاحظ اللاحظ الطبيعة باعتبار انطباقها على الأفراد وصدقها على الأفراد ، فهذا الحيث ـ أي حيث انطباقه وصدقه على الأفراد ـ يكون مأخوذا حين