قالبا للمعنى ؛ لعدم وقوع تأثير بسبب التعهد أعني الوضع في اللفظ.
بخلاف ما قلنا من كون العلقة أمرا اعتباريا ، وأنّ بسبب ذلك يصير اللفظ قالبا للمعنى ؛ لأنّ ذلك تابع للاعتبار ، فإذا اعتبر الواضع ذلك يصير قالبا للمعنى ، ولذا يمكن الالتزام بما التزم به المحقّق الخراساني من أنّ حسن وقبح المعنى يؤثّر في اللفظ ، لكون اللفظ قالبا لها ووجودها التنزيلي. وأمّا على قول هذا المتوهّم فلا يمكن ذلك ، لأنّ حيث الوجودي ليس إلّا التعهد ، وهو لا يوجب إلّا صيرورة اللفظ بعد تعهد الواضع علامة للمعنى.
فظهر لك أنّ لازم قول هذا المتوهّم هو كون اللفظ علامة للمعنى وعدم قابليّته لكونه قالبا لها ، وأيضا لازم قوله هو كون اللفظ علامة إذا أراد المستعمل ؛ لأنّه مع تعهده والبناء عليه لا يصير علامة إلّا بإرادته لعدم تأثير هذا التعهد في اللفظ حتى يصير بنفسه مع قطع النظر عن الإرادة علامة للمعنى.
وأمّا على ما قلنا من كون الوضع اسم المعنى المصدري يعني العلقة الحاصلة من فعل الواضع اعتباريا فلا يحتاج في صيرورة اللفظ قالبا للمعنى إرادة اخرى غير الوضع في حال الاستعمال ، بل اللفظ قالبا بنفسه ولو لم يرد ، فلذا لو كان شخص نائم يتكلم بلفظ فهو قالب له ، ووجود تنزيلي لمعناه وإن لم يترتّب على هذا اللفظ أثر لكونه نائما ، وهذا بخلاف قول هذا القائل ، فإنّ النائم المتفوّه بلفظ لا يكون لفظه علامة للمعنى أصلا ، لعدم إرادة للنائم.
اذا عرفت ما بيّناه من مراده يظهر لك أمران :
الأمر الأوّل : انّه لا يمكن الالتزام بكون اللفظ قالبا للمعنى مع الالتزام بما التزم به هذا المتوهّم ، لما بيّنا لك. فعلى هذا ما يظهر من كلام شيخنا الحائري رحمهالله في الدرر من الالتزام يكون حقيقة الوضع هو التعهد ، ومع ذلك الالتزام بايجاد العلقة بين اللفظ والمعنى بذلك لا معنى له ؛ لما قلنا من أنّ لازم القول بكون الوضع هو التعهد ، وأنّه