حيث يوضع طبيعة اللفظ مثلا طبيعة زيد لطبيعة معنى زيد ، فعلى هذا لا يمكن أن يكون الاستعمال وضعا ؛ لأنّ استعمال الجزئي كيف يمكن أن يكون ايجادا للوضع الكلي؟
وإن كان مراده أنّ باستعمال اللفظ ينتقل الشخص بالوضع بالتبع ، وأنّ هذا ايجاد للوضع بالتبع ، فكما قلنا لا يمكن الايجاد بالتبع في الوضع ولا يكفي ذلك لأنّه لا بدّ في الايجاد بالتبع أن يكونا غير منفكّين في الوجود ، وليس الوضع كذلك بالنسبة الى اللفظ ، بل يمكن التفكيك بينهما. وإن كان مراده أنّ هذا الاستعمال ايجاد للوضع مصداقا فأيضا قلنا بعدم صحّته.
فظهر لك أنّ كلامه رحمهالله ليس في محلّه ، وليس الاستعمال وضعا ، ولا يحصل به الوضع التعييني ، وليس الاستعمال إيجادا للوضع بالمطابقة أو بالكناية حتى يكون صحيحا.
ولكن يمكن توجيه كلامه بنحو آخر وهو : أنّ مبناه كالشيخ رحمهالله هو أنّ ما يعتبر في الانشائيات ليس إلّا نفس إظهار ما في الضمير ، يعني يكفي رضاه الباطني مثلا في البيع ، وإظهار هذه الرضاية ، ولا يلزم ايجاد الرضا ، فكذلك يقال بأنّ في الوضع ما يلزم ليس إلّا أن يظهر الواضع أنّ اللفظ الكذائي موضوع للمعنى الكذائي ولو لم يكن ايجاد في البين. فعلى هذا يصحّ كلامه ؛ لأنّ الاستعمال ولو لم يكن ايجادا للعلقة لكن يكون مظهرا لها ، وهو كاف في الوضع.
لا يرد على هذا الايرادين المتقدمين ؛ لأنّه لا يوجب اجتماع اللحاظين ، فإنّه لا يكون نظره إلّا استعماله ، غاية الأمر هذا الاستعمال صار مبرزا ومظهرا للوضع ، وكذلك ليس على هذا ، الاستعمال ايجادا لوضع الكلّي حتى يقال : إنّه جزئي وكيف يصير ايجادا لحيث كلّي؟ لأنّه كما ـ قلنا ليس ـ الاستعمال ايجادا له ، بل يكون مظهرا ، وفي المظهر لا مانع من ذلك ؛ لأنّه ليس النظر فيه إلّا إظهار ما في النفس لا ايجاد ما في