النفس حتى يكون غير صحيح. فظهر لك أنّ بهذا النحو يمكن توجيه كلام المحقّق الخراساني رحمهالله ، فافهم.
الأمر الرابع : في تقسيم الوضع :
اعلم أنّ الوضع يقسّم بتقسيمات فتارة يقسّم بالتعييني والتعيّني ، وتارة بالعام والخاص ، وتارة بالشخصي والنوعي ، وتارة بالأصلي والتبعي ، فالكلام يقع في مواقع :
الموقع الأول : في أنّ الوضع يقسّم بقسمين التعييني والتعيّني ، أو التخصيصي والتخصّصي ، لأنّه تارة يحصل بتعيين الواضع مثلا يقول : وضعت لفظ زيد لذات زيد ، وتارة يحصل بانس اللفظ بالمعنى ، فالأوّل يقال له الوضع التعييني والثاني الوضع التعيّني.
اعلم أنّ الوضع بمعناه المصدري ـ يعني فعل الواضع ـ غير قابل للتقسيم بهذين القسمين ؛ لأنّه كما قلنا الوضع التعيّني يحصل بانس اللفظ بالمعنى بسبب كثرة الاستعمال وليس من فعل الواضع ، فلهذا الوضع بمعناه المصدري ـ يعني فعل الواضع ـ منحصر بالوضع التعييني.
وما يكون قابلا لقبول هذا التقسيم هو الوضع عن الإسم المصدري يعني الارتباط الخاص بين اللفظ والمعنى أو العلقة الحاصلة بين اللفظ والمعنى ؛ لأنّ هذه العلقة والارتباط الحاصل بين اللفظ والمعنى يحصل تارة بالتعيين وتارة باليقين ، يعني يحصل تارة بوضع الواضع وتارة بانس اللفظ بالمعنى بكثرة الاستعمال.
ولا يخفى عليك أنّ الوضع التعيّني لا يكفي لوضع الحقيقة ، يعني فيما لا يكون للفظ معنى حقيقي أصلا ، فلا يصحّ أن يحصل وضع اللفظ للموضوع له الحقيقي بالوضع التعيّني ، لأنّه على المفروض يحصل الوضع والعلقة بعد الانس وكثرة الاستعمال ، فقبل هذا الانس لا يكون مجوّزا للاستعمال فلا بدّ وأن يكون قبل ذلك للفظ معنى حقيقي ثابت بالوضع التعييني ويكون الاستعمال في معنى آخر بمناسبة فيستعمل في المعنى