بسبب علّته.
الثالث : أن يكون موجودا في نفسه ولكن لا لنفسه وبنفسه بل لغيره وبغيره ، وهذا القسم عبارة عن الأعراض من الممكنات ، فان العرض يوجد في نفسه يعني له وجود في حدّ ذاته ولكن لغيره يعني لا يكون إلّا مع الجوهر وليس له وجود مستقلّ في الخارج ، بل موجود بوجود الجوهر كالبياض الموجود في الجسم ، ويكون بغيره لأنّ وجوده موقوف بالغير وهو العلّة ، وهذا الوجود قابل للوجود الذهني أيضا في حدّ ذاته فإنّ نفس البياض قابل للتصوّر مع قطع النظر عن الجوهر ، والشاهد الوجدان فأنت تقدر على أن تتصوّر نفس البياض ولا يحتاج تصوّره بتصوّر الجوهر ، نعم الأبيض يعني الجسم العارض له البياض لا يتصوّر إلّا في ضمن تصوّر الجوهر ، ولكن ليس الكلام فيه بل الكلام في نفس العرض وهو البياض مثلا وهو قابل للتصوّر والوجود الذهني في حد ذاته بلا حاجة في تصوره الى تصور الجوهر.
الرابع : أن يكون له الوجود لكن بغيره في غيره لغيره ولا يمكن وجوده لا بنفسه ولا لنفسه ولا في نفسه ، وهذا القسم عبارة عن معاني الربطية فإنّ حيث الربط يعني ما هو وسيلة ارتباط شيء بشيء آخر حيث ربط لا يمكن وجوده في الذهن وفي الخارج إلّا ضمن الغير يعني في ضمن ما يرتبط بالآخر مثلا (زيد في الدار) ترى أنّ بينهما ربط لأنّك بهذا الاستعمال ربطت زيدا بالدار ، فهذا الحيث الربطي يعني ما به يرتبط بينهما لا يمكن وجوده إلّا مع زيد والدار ؛ لأنّ الربط معناه معه فإنّه أثر قائم بالطرفين في الذهن وفي الخارج فتصوّره في الذهن موقوف بتصوّر الطرفين ووجوده في الخارج أيضا موقوف بالطرفين ، وإلّا فيخرج عن كونه ربطا.
ومن هذا القبيل من المفاهيم يكون معاني الحرفية والهيئات فإنّ وجودها لا يمكن إلّا في غيرها ولغيرها وبغيرها ، لأنّه كما قلنا هذه المفاهيم قائمة بالغير فلا يمكن وجودها إلّا في الغير وللغير وبالغير ، وهذا هو الفرق بين الحرف وبين الإسم ، فإنّ