(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)) [١١١]
قررت الآية أن في قصص الرسل وأممهم التي يقصها القرآن عبرة وموعظة ينتفع بهما ذوو العقول ، وأن ما يتلوه النبي صلىاللهعليهوسلم من القرآن وما يدعو إليه ليس بدعا أو افتراء وإنما هو متطابق مع ما جاء في الكتب التي سبقت القرآن والأنبياء الذين نزلت عليهم ، وأن فيه تفصيل كل شيء وفيه الهدى والرحمة لمن طابت سريرته ورغب في الهدى والإيمان.
وقد جاءت الآية خاتمة قوية للآيات التي أعقبت السلسلة القصصية وخاتمة قوية للسورة ، ورابطة بين هذه السلسلة وبين الآيات التي جاءت بعدها ، وداعمة للهدف القرآني العام من القصص وهو العبرة والموعظة بما في ذلك قصة يوسف التي هي موضوع السورة. وقد صرف معظم المفسرين (١) جملة (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) إلى القرآن عامة سواء في ذلك محكمه ومتشابهه وقصصه وغير قصصه ، وفي هذا الصواب والحق على ما هو المتبادر.
وقد تبادر لنا إلى ذلك كله أن في جملة (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) ، دلالة على أن ما جاء في السورة من قصة يوسف أو ما جاء في السور الأخرى من قصص أخرى قد جاء في كتب وروايات سابقة للقرآن وليس فيه افتراء. وإذا صح هذا فيكون قرينة قرآنية على صحة ما قررناه في بحث القصص القرآنية في سورة القلم ونبهنا عليه في المناسبات العديدة الأخرى من أن هذه القصص مما كان متداولا معروفا في بيئة النبي صلىاللهعليهوسلم روايات على الألسنة وتسجيلات في كتب سابقة. والله تعالى أعلم.
__________________
(١) انظر كتب التفسير السابق ذكرها آنفا.