وأوسع من الصّبر» (١). وحديث رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلّا عزا وما تواضع أحد لله إلّا رفعه الله» (٢). وحديث رواه الطبري عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم جاء فيه : «من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمنا وإيمانا» (٣). وحديث أخرجه أبو يعلى عن أنس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من كفّ غضبه كفّ الله عنه عذابه» (٤). وحديث أخرجه ابن مردويه عن ابن عمر قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ما تجرّع عبد من جرعة أفضل أجرا من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله» (٥).
والمتبادر من فحوى الأحاديث وأسماء رواتها من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنها صدرت عن النبي صلىاللهعليهوسلم في العهد المدني في المناسبات التي اقتضتها للتعليم والتأديب ، وأن الآيات التي نحن في صددها قد احتوت مبادئ عامة ، وهذا من سمات القرآن المكي على ما نبهنا عليه في مناسبات سابقة والله تعالى أعلم.
وننبه على أن في سورة آل عمران آية تأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بمشاورة المسلمين ، والمتبادر أن هذا متصل بالدرجة الأولى بسياسة الحكم والسلطان في حين أن جملة (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) الواردة في هذه الآيات عامة تشمل هذه السياسة وتشمل سائر حالات ومواقف المسلمين فيما بينهم. ونكتفي هنا بما ذكرناه في صدد ذلك على أن نشرح أمر الشورى المتصل بسياسة الحكم والسلطان في سياق آية سورة آل عمران.
__________________
(١) التاج ج ٥ ص ٤٤ ـ ٤٧.
(٢) التاج ج ٥ ص ٤٤ ـ ٤٧.
(٣) التاج ج ٥ ص ٤٤ ـ ٤٧.
(٤) تفسير الآية [١٣٤] من سورة آل عمران.
(٥) تفسير الآية نفسها في تفسير ابن كثير ، وننبه على أن الأحاديث التي نقلناها عن تفسيري الطبري وابن كثير لم ترد نصا في كتب الأحاديث الصحيحة ، وهذا لا يمنع صحتها وهي من باب ما ورد في هذه الكتب ونقلناه عنها.