ولقد نبهنا في سياق تفسير آيات الدخان [٣٤ ـ ٣٩] أن الردّ القرآني وحكمة عدم إجابة الكفار إلى تحديهم متسقة مع مشيئة الله في عدم إجابتهم إلى التحدي بالإتيان بمعجزة للبرهنة على ما في رسالة النبي صلىاللهعليهوسلم ودعواه بصلتها بالله من صدق وحقّ. فلا نرى حاجة إلى الإعادة ونكتفي بالقول : إن اتساق الرد هنا مع الردّ هناك دليل على صواب التوجيه والتنبيه إن شاء الله.
ولقد روى الطبري في سياق الآية الأولى حديثا عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كان أهل الجاهلية يقولون : إنّما يهلكنا الليل والنهار وهو الذي يهلكنا ويميتنا ويحيينا فقال الله في كتابه وقالوا ما هي إلّا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلّا الدهر قال فيسبّون الدهر فقال الله تبارك وتعالى يؤذيني ابن آدم بسبّ الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلّب الليل والنهار» (١). وحديثا آخر عن أبي هريرة أيضا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يقول الله استقرضت عبدي فلم يعطني وسبّني عبدي يقول وا دهراه وأنا الدهر». وحديثا ثالثا عن أبي هريرة كذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله قال لا يقولنّ أحدكم يا خيبة الدهر فإنّي أنا الدهر أقلّب ليله ونهاره وإذا شئت قبضتهما» حيث ينطوي في الأحاديث توضيح نبوي وعظي يجب على المسلم أن يقف عنده.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٣) وَقِيلَ
__________________
(١) القسم الأخير الذي يبدأ بجملة : قال الله من هذا الحديث من مرويات البخاري أيضا ، انظر التاج ج ٤ ص ٢٠٧.