فيه : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن الله ليملي للظالم حتّى إذا أخذه لم يفلته» (١). وفي الأحاديث توضيح وتحذير نبوي متساوقان مع مدى الآيات كما هو واضح. وننبه على أن في سورتي الأعراف والقلم اللتين مرّ تفسيرهما آيات فيها توضيح أكثر صراحة وهما الآيتان [١٨٣ و ١٨٤] في الأعراف و [٤٤ و ٤٥] في القلم.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (٤٦) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (٤٧)) [٤٦ ـ ٤٧]
(١) نصرف الآيات : نقلب وجوه الكلام في القرآن.
(٢) يصدفون : يعرضون.
في الآيتين أمر للنبي صلىاللهعليهوسلم بسؤال الكفار عما إذا كان غير الله يستطيع أن يرد عليهم سمعهم وأبصارهم وعقولهم إذا ما طرأت عليها الطوارئ فذهبت بها ، وعما إذا كانوا يظنون أن الله تعالى إذا أرسل عذابه عليهم فجأة بدون مقدمة ، أو جهرة بعد مقدمات هل يمكن أن يهلك به غير الظالمين الباغين حتى يقفوا هذا الموقف الظالم الباغي الذي فيه اغترار وطمأنينة إلى الدهر. والفقرة الثانية من الآية الأولى جاءت معقبة ومنددة ، فالله تعالى يضرب لهم الأمثال ويبيّن لهم الحقائق بأساليب متنوعة في آياته ولكنهم يعرضون عنها.
والآيتان استمرار للسياق بسبيل إنذار الكفار والتنديد بهم والتعقيب على مواقفهم المحكية كما هو المتبادر وفي السؤالين اللذين أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بتوجيههما إلى الكفار واللذين لا شك في أنه وجههما مقرعا منددا إفحام وإلزام قويان مستمدان من عقيدة المشركين التي حكتها آيات سابقة بكون الله تعالى هو المتصرف
__________________
(١) التاج ج ٢ ص ٦٤.