وفي القرآن آيات أخرى منها ما هو حكاية عن أم مريم قبل الإسلام وهي آية سورة آل عمران هذه : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥)) وفي هذه الآية ، كما في آية مريم بيان لمدى النذر في نطاق ما قلناه. ومنها ما فيه ثناء على الأبرار الذين يوفون بالنذر. ويمكن أن يكون شاملا للمؤمنين المخلصين قبل البعثة النبوية وبعدها ، وهي آية سورة الإنسان هذه (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧)) ، ومنها ما ينطوي فيه إقرار للنذر في الإسلام وإيجاب للوفاء به ووعد بالثواب عليه ، وهي آية سورة البقرة هذه : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (٢٧٠)).
ولقد أثرت عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث عديدة في النذر وردت في كتب الأحاديث الصحيحة (١) ، فيها دلالة على شيوع النذر عند العرب وتشريع لما سكت عنه القرآن في موضوعه ، ولا يجزىء إيراد بعضها لأن فيها صورا متنوعة وتشريعات وتلقينات متنوعة تبعا لها فرأينا إيرادها كلها على كثرتها :
١ ـ عن ابن عمر قال : «نهى النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن النذر ، وقال إنّه لا يردّ شيئا ولكنّه يستخرج به من البخيل».
٢ ـ عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ النذر لا يقرّب من ابن آدم شيئا لم يكن الله قدّره له ولكنّ النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج». روى الحديثين البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي.
٣ ـ عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» رواه الخمسة إلّا مسلما.
٤ ـ عن عمران بن الحصين عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «خيركم قرني ثم الذين
__________________
(١) انظر التاج ج ٣ ص ٧٣ ـ ٧٨.