جاء فيه : «جاءت العميصاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم تشتكي زوجها أنه لا يصل إليها فلم يلبث أن جاء زوجها فقال هي يا رسول الله كذابة وهو يصل إليها ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول فقال رسول الله ليس ذلك لك حتى تذوقي عسيلته» (١).
ولنا تعليق على هذين الحديثين فشرط الجماع يكون لازما في حالة إمكانه فعلا ، وهذا ما يفيده نصّ الحديثين. وهناك حالة ترد وهي عدم تمكن الزوج الجديد من مجامعة زوجته لعاهة أو قصور ، ولم نطلع على أثر نبوي في ذلك. ويتبادر لنا من نصّ الحديثين أن حكم النبي صلىاللهعليهوسلم كان سيختلف لو ثبت قول الزوجتين وأنه كان يسمح لهما الرجوع إلى زوجيهما الأولين إذا ما طلقهما الزوجان الجديدان. أو اختلعتا منهما. لأن نصّ القرآن هو نكاح زوج آخر أي تزوج زوج آخر. وهدف ذلك هو التجربة ويكون هذا النص قد تحقق ولو بغير جماع ما دام هذا غير مستطاع من قبل الزوج الجديد. وللزوجة مراجعة القاضي في حالة عدم استطاعة الزوج الجديد المجامعة وللقاضي أن يأمره بطلاقها أو خلعها أو يطلق عليه استئناسا بنص الحديثين والله تعالى أعلم. ويتبادر لنا أن هذا ينسحب على الزواج الجديد إذا مات الزوج الجديد قبل أن يتاح له جماع ، والله تعالى أعلم.
١٣ ـ ونستطرد في هذه المناسبة إلى الزواج المعروف بالتحليل والتواطؤ فيه وروح الآية يلهم أنها انطوت على هدف إفساح الفرصة للتروي والتجربة كما قلنا قبل. وزواج التحليل والتواطؤ لا يضمن تحقيق هذا الغرض. وفيه على ما يبدو تحايل على التشريع القرآني وحكمته. وقد حرّمه بعض الأئمة وكرهه بعضهم. وقال بعضهم إن المحلل والزوجة التي دخل عليها يرجمان. وأجازه بعضهم استنادا إلى ظاهر النص (٢) من حيث إن زواج التحليل برغم أنه تواطؤ فهو زواج شرعي بعقد ومهر وتنفيذ وطلاق شرعي في النتيجة. ولعل هؤلاء لا يستلهمون روح الآيات التي تحث على الإبقاء على رابطة الزوجية واحترامها وتأمر بالتروي والمراجعة وتستهدفهما. ويفرضون أن يكون التطليق البات أو الثلاث النافذ كان
__________________
(١) انظر المصدر نفسه.
(٢) انظر ابن كثير والخازن وغيرهم.