والله العالم.
______________________________________________________
وضعت لما ذكرناه ـ الى ان قال ـ فى وجه كون الوجوب بحكم العقل ـ ان العقل يدرك بمقتضى قضية العبودية لزوم الخروج عن عهدة ما امر به المولى ما لم ينصب قرينة على الترخيص فى تركه فلو امر بشيء ولم ينصب قرينة على جواز تركه فهو يحكم بوجوب اتيانه فى الخارج قضاء لحق العبودية واداء لوظيفة المولوية وتحصيلا للامن من العقوبة ولا نعنى بالوجوب الا ادراك العقل لابدية الخروج عن عهدته انتهى وقد سبقه غيره بهذا الاستدلال تقريبا كما فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ ، وصحة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرد مخالفه امره وتوبيخه على مجرد مخالفته كما فى قوله تعالى (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) الخ وفيه اوّلا ان الانشاء ليس امرا اعتباريا نفسانيا مجردا بحيث ان تحقق نية التمليك او التزويج تحقق وانما يحتاج الى مبرز ومبرزة الامر فالانشاء كالاخبار حكاية باللفظ والقول لكن فى الاخبار حكاية عن الامر الوقوعى الثابت والانشاء حكاية عن الايقاع والاثبات فاللفظ هو الحاكى عن ايقاع النسبة وتحققها على هو المرتكز بحسب افهام العرف والعمدة ان فالامر لم توضع لابراز الامر الاعتبارى فى الخارج فان الخارج ظرف الاستعمال وهو فى الرتبة اللاحقة عن الوضع بل وضع لمفهوم الطلب المبرز على ما مر مرارا كما ان القول بالتعهد تقدم فساده ، وثانيا ان حكم العقل فى المرحلة المتأخرة عن الامر فالامر لو لم يكن ظاهرا فى الوجوب كيف يحكم العقل بالخروج عن عهدته وتوبيخ مخالفته ، فهو قد اختلط بين مقدمات الحكمة وحكم العقل بوجوب الاطاعة فان مقدمات الحكمة ايضا بحكم العقل ويوجب ظهور الاطلاق فى الوجوب كما تقدم ثم فى الرتبة اللاحقة يحكم العقل بوجوب الامتثال ، وثالثا ان بعثه ملازم ذاتا لوجوب امتثاله ، فيرد عليه كيف مع بعثه وتحريكه مع القرينة على ارادة غير لزومية لا يوجب الامتثال فهما متضاد ان كما هو واضح فالبعث المرسل يقتضى اللزوم الموجب لحكم العقل بخروجه عن العهدة والامتثال لا البعث على نحو الارسال فلو فرضنا لم يكن عبدا ولم يكن فى مقام العبودية فلا الزام ح مع انه باطل بالبداهة فليس إلّا وضع لفظ الامر لمفهوم الطلب المهمل المبرز فالوجوب والاستحباب مستفاد ان من القرائن الخارجية الوجوب من الاطلاق والاستحباب من القرينة على التخصيص وفى الرتبة السابقة على التحريك والداعوية للمكلف.