هذا العمل (١) له مبادى متعددة من كونه مقدورا وكونه مما علم بمصلحة بلا مزاحم وكونه مما اعمل فيه الاختيار الموجب لتوجه الاشتياق نحوه فبعضها مستند الى ارادته الازلية مثل قدرته وعلمه كوجود العامل (٢) وبعضها (٣) مستند الى اقتضاء ذات ملزومه من جهة ما عرفت من كونه من لوازم وجوده ولو فى ظرف تحقق القدرة والعلم المزبور وذلك مثل اختياره المستتبع لاشتياقه وارادته ، وح لهذا العمل الصادر (٤) جهتان بجهة مستند الى الارادة الازلية (٥) وبجهة اخرى (٦) مستندا الى ذاته بلا تعلله (٧) بشيء آخر وراء وجود ملزومه و
______________________________________________________
(١) كما عرفت.
(٢) فيحتاج الى جعل مستقل وارادة ازلية اخرى.
(٣) وهو الاختيار لا يحتاج الى جعل مستقل بل يكفى جعل اصل وجود الانسان لجعله ووجوده.
(٤) من الانسان ومن افعاله الصادر منه نسبتان.
(٥) النسبة الاولى مجعولة بجعل مستقل وهو نسبة الفعل الى الله تعالى باعتبار ايجاد العلم بفائدة ذلك الفعل فى نفس فاعله وايجاد قدرته عليه وشوقه اليه الى غير ذلك من المبادى التى ليست من لوازم وجود الانسان وليست مجعولة بجعله بل يجعل مستقل منه تعالى فحينئذ لا يكون الفعل الصادر من الانسان مفوضا اليه بقول مطلق.
(٦) النسبة الثانية هى نسبة الى وجود الانسان باعتبار تعلق اختياره به الذى هو من لوازم وجود الانسان المجعولة بجعله لا بجعل مستقل فلذا لا يكون الفعل الصادر من الانسان مستندا اليه تعالى بقول مطلق ليكون العبد مقهورا عليه.
(٧) ولعله اشارة الى وجه دقيق لكون الاختيار من لوازم وجود الانسان ان سائر الامور المجعولة مستقلا كالعلم والارادة ونحوهما يعلل بانه لم يكن له العلم فعلم لتحصيله او ارادة لاجل امر كذا اما الاختيار فلا يعلل فلا يقال لم يكن مختارا فصار مختارا لاجل كذا فهذا يكشف عن ان الاختيار من لوازم وجود الانسان.