مبادى اختياره من حفظ قدرته واعلامه بالمصلحة بمثل خطابه واعلامه بارادته الذى هو موضوع حكم عقله بطاعته من دون كونه سالب اختياره ، والى ذلك يشير قوله تعالى (١) ليهلك من هلك عن بيّنه ويحيى من حى عن بيّنه وان شان الخطابات ليس إلّا اتمام الحجة وتتميم مبادى اختيار العبد كما هو ظاهر (٢) وح
______________________________________________________
وهو يتحقق بابراز ارادته واظهارها بامره وطلبه وبعثه بقوله افعل كذا ومن المعلوم بداهة انه على هذا ايضا لا تخلف لها عن المراد من جهة انه بابراز ارادته تحقق ما هو موضوع حكم العقل بوجوب الاطاعة وانسد المقدار الذى كان المولى بصدد حفظه من جهته وح فلا يكاد يضر مخالفه الكفار واهل العصيان فى الواجبات والمحرمات اذ لا يستلزم مخالفتهم تخلف ارادته سبحانه عن مراده ، فيصح تعلق الارادة التشريعية بالايمان من الكفار وبالعمل بالاركان من اهل الفسوق والعصيان من دون ان يكون ذلك من الامر بالمحال وبما لا يقدر عليه العباد من جهة ما عرفت من كون العبد بعد على ارادته واختياره فى ايجاد الفعل المأمور به وان عدم صدوره منه انما هو لاجل عدم تحقق علته التى هى ارادته للايجاد بسوء اختياره وترجيحه جانب المشتهيات النفسانية على المنافع الاخروية.
(١) سورة الانفال ، آية ٤٢ ، والآيات فى الاختيار كثيرة فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ـ ان يتبعون إلّا الظن ـ ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ـ ومن يعمل سوءا يجز به ـ وكل امرى بما كسب رهين جزاء بما كنتم تعملون ـ قل يا قوم اعملوا على مكانتكم انّى عامل فسوف تعلمون ـ قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله وامثالها من الآيات الدالة على الاختيار وما يوهم الجبر من الآيات وما تشاءون إلّا ان يشاء الله ونحوها مؤولات ومجازات من باب اطلاق السبب على المسبب ونحوه وكذا قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ونحوها فلو كان العبد مجبورا فله التكليف بما شاء لان عمل العبد بقدرته وهو قادر على ما يشاء.
(٢) واما صحة طلبه سبحانه منه ح مع علمه بعدم صدور الفعل منه من جهة عدم ارادته بعدم اختيارهم الايمان او العصيان فهو لاجل الاعلام بما فى الفعل من الصلاح الراجع الى انفسهم ولكى يهلك من هلك عن بينه ولئلا يكون لهم على الله