لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣٥) فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (٣٦) رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ (٣٧) لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٣٨)
قال الإمام القرطبي ما ملخصه : «قوله ـ تعالى ـ : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ). النور في كلام العرب : الأضواء المدركة بالبصر. واستعمل مجازا فيما صح من المعاني ولاح. فيقال : كلام له نور .. وفلان نور البلد.
فيجوز أن يقال : لله ـ تعالى ـ نور ، من جهة المدح ، لأنه أوجد جميع الأشياء ، ونور جميع الأشياء منه ابتداؤها ، وعنه صدورها ، وهو ـ سبحانه ـ ليس من الأضواء المدركة ، جل وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
واختلف العلماء في تأويل هذه الآية : فقيل : المعنى : به وبقدرته أنارت أضواؤها. واستقامت أمورها ، وقامت مصنوعاتها ، فالكلام على التقريب للذهن ، كما يقال : الملك نور أهل البلد ، أى : به قوام أمرها .. فهو ـ أى النور ـ في الملك مجاز. وهو في صفة الله ـ تعالى ـ حقيقة محضة.
قال ابن عرفة : أى منور السموات والأرض. وقال مجاهد : مدبر الأمور في السموات والأرض.