أيمانهم ، فإنهم غير مؤاخذين على ذلك ، لأن معاشرة الأزواج أو ما ملكت الأيمان ، مما أحله الله تعالى.
وقوله (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) أى : فمن طلب خلاف ذلك الذي أحله الله ـ تعالى ـ (فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) أى : المعتدون المتجاوزون حدوده ـ سبحانه ـ ، الوالغون في الحرام الذي نهى الله ـ تعالى ـ عنه. يقال : عدا فلان الشيء يعدوه عدوا ، إذا جاوزه وتركه.
أما الصفة الخامسة من صفات هؤلاء المفلحين ، فقد عبر عنها ـ سبحانه ـ بقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ).
والأمانات : جمع أمانة ، وتشمل كل ما استودعك الله ـ تعالى ـ إياه ، وأمرك بحفظه.
فتشمل جميع التكاليف التي كلفنا الله بأدائها كما تشمل الأموال المودعة ، والأيمان والنذور والعقود وما يشبه ذلك.
والعهود : جمع عهد. ويتناول كل ما طلب منك الوفاء به من حقوق الله ـ تعالى ـ وحقوق الناس.
قال القرطبي : والأمانة والعهد يجمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه ، قولا وفعلا ، وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك. وغاية ذلك حفظه والقيام به. والأمانة أعم من العهد وكل عهد فهو أمانة فيما تقدم فيه قول أو فعل أو معتقد» (١).
وراعون : من الرعي بمعنى الحفظ يقال : رعى الأمير رعيته رعاية ، إذا حفظها واهتم بشئونها.
أى : أن من صفات هؤلاء المفلحين. أنهم يقومون بحفظ ما ائتمنوا عليه من أمانات ، ويوفون بعهودهم مع الله ـ تعالى ـ ومع الناس ، ويؤدون ما كلفوا بأدائه بدون تقصير أو تقاعس.
وذلك لأنه لا تستقيم حياة أمة من الأمم. إلا إذا أديت فيها الأمانات ، وحفظت فيها العهود ، واطمأن فيها كل صاحب حق إلى وصول هذا الحق إليه.
أما الصفة السادسة والأخيرة من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين ، فهي قوله ـ تعالى ـ (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ).
أى : أن من صفاتهم أنهم يحافظون على الصلوات التي أمرهم الله بأدائها محافظة تامة ، بأن
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٢ ص ١٠٧.