بصيغة اسم المفعول ـ فيكون المعنى : بالله لقد أنزلنا على عبدنا محمد صلىاللهعليهوسلم آيات بيناها ووضحناها ، وجعلناها خالية من اللبس والغموض.
وقرأها الباقون بكسر الياء المشددة ـ بصيغة اسم الفاعل ـ فيكون المعنى : لقد أنزلنا آيات مبينات للأحكام والحدود والآداب التي شرعها الله ـ تعالى ـ فعلى هذه القراءة يكون المفعول محذوفا.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) أى : والله ـ تعالى ـ بفضله وإحسانه يهدى من يشاء هدايته إلى الصراط المستقيم ، الذي هو طريق الإسلام. وسبيل الحق والرشاد.
والضمير في قوله ـ تعالى ـ : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا) يعود على طائفة من الذين لم يهدهم ـ سبحانه ـ إلى الصراط المستقيم ، وهم المنافقون.
أى : أن هؤلاء المنافقين يقولون بألسنتهم فقط : آمنا بالله وبالرسول ، وأطعنا الله والرسول في كل أمر أو نهى.
ثم بين ـ سبحانه ـ أنهم كاذبون في دعواهم الإيمان والطاعة فقال : (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ).
أى : يدعون أنهم يؤمنون بالله وبالرسول ، ويطيعون أحكامهما ، وحالهم أن عددا كبيرا منهم يعرضون عما يقتضيه الإيمان والطاعة ، من أدب مع الله ـ تعالى ـ ومع رسوله صلىاللهعليهوسلم ، ومن انقياد لأحكام الإسلام.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) نفى لدعواهم الإيمان ، وتوبيخ لهم على أقوالهم التي يكذبها واقعهم ، أى : وما أولئك المنافقون الذي يقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ، بالمؤمنين على الحقيقة ، لأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، ولأنهم لو كانوا يؤمنون حقا. لما أعرضوا عن أحكام الله ـ تعالى ـ ، وعن طاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم.
ثم بين ـ سبحانه ـ حالة أخرى من أحوالهم الذميمة فقال : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ).
أى : أن هؤلاء المنافقين من صفاتهم ـ أيضا ـ أنهم إذا ما دعاهم داع إلى أن يجعلوا شريعة الله ـ تعالى ـ هي الحكم بينهم وبين خصومهم ، إذا فريق كبير منهم يعرض عن هذا الداعي ، ويسرع إلى التحاكم إلى الطاغوت. كما في قوله ـ تعالى ـ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ، يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ