أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)(٦١)
ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات منها ما روى عن ابن عباس أنه قال : لما أنزل الله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ..). تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والعمى والعرج ، وقالوا : الطعام أفضل الأموال ، وقد نهانا الله عن أكل المال بالباطل ، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب ، والأعرج لا يتمكن من الجلوس ، ولا يستطيع المزاحمة ، والمريض يضعف عن التناول ولا يستوفى من الطعام حقه ، فأنزل الله هذه الآية.
وقيل نزلت ترخيصا لهؤلاء في الأكل من بيوت من سمى الله في هذه الآية ، وذلك أن هؤلاء كانوا يدخلون على الرجل لطلب الطعام ، فإذا لم يكن عنده شيء ذهب بهم إلى بيت أبيه ، أو بيت أمه ، أو بعض من سمى الله في هذه الآية ، فكان أهل الزمانة يتحرجون من ذلك ، ويقولون ذهب بنا إلى غير بيته ، فأنزل الله هذه الآية.
وقيل نزلت رخصة للأعمى والأعرج والمريض عن التخلف عن الجهاد ..
ويبدو لنا أن الآية الكريمة نزلت لتعليم المؤمنين ألوانا متعددة من الآداب التي شرعها الله ـ تعالى ـ لهم ، ويسرها لهم بفضله وإحسانه ، حتى يعلموا أن شريعته ـ سبحانه ـ مبنية على اليسر لا على العسر ، وعلى التخفيف ورفع الحرج ، لا على التشديد والتضييق.
والحرج : الضيق ومنه الحرجة للشجر الملتف المتكاثف بعضه ببعض ، حتى ليصعب على الشخص أن يمشى فيه. والمراد به هنا : الإثم.
والمعنى : ليس على الأعمى والأعرج والمريض حرج أو إثم في الأكل من بيوت هؤلاء الذين سماهم الله ـ تعالى ـ.
كذلك ليس عليكم حرج أو إثم ـ أيها المؤمنون ـ في أن تأكلوا أنتم ومن معكم (مِنْ بُيُوتِكُمْ) التي هي ملك لكم.