افتضاح أمرهم ، وانكشاف سرهم ، (أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) يستأصلهم عن آخرهم ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
قال القرطبي : وبهذه الآية احتج الفقهاء على أن الأمر للوجوب ، ووجهها أن اللَّه ـ تعالى ـ قد حذر من مخالفة أمره ، وتوعد بالعقاب عليها بقوله : (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فتحرم مخالفته ، ويجب امتثال أمره» (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بقوله : (أَلا إِنَّ لِلَّه ما فِي السَّماواتِ والأَرْضِ).
أي : له ـ سبحانه ـ ما في السماوات والأرض من موجودات خلقا وملكا وتصرفا وإيجادا (قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْه) أيها المكلفون من طاعة أو معصية ، ومن استجابة لأمره أو عدم استجابة.
(ويَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْه فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي : ويعلم ـ سبحانه ـ أحوال خلقه جميعا يوم يرجعون إليه يوم القيامة. فيجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
(واللَّه) ـ تعالى ـ (بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) بحيث لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
وبعد : فهذه هي سورة «النور» وهذا تفسير محرر لها.
نسأل اللَّه ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده.
وصلَّى اللَّه على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
القاهرة ـ مدينة نصر ظهر السبت ٢٠ من ربيع الآخر ١٤٠٥ ه الموافق ١١ / ١ / سنة ١٩٨٥ م |
كتبه الراجي عفو ربه د. محمد سيد طنطاوي |
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٢ ص ٣٢٢.