وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكانُوا قَوْماً بُوراً (١٨) فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً)(١٩)
وقوله ـ تعالى ـ : (وَيَوْمَ) منصوب على المفعولية بفعل مقدر ، والمقصود من ذكر اليوم : تذكيرهم بما سيحدث فيه من أهوال حتى يعتبروا ويتعظوا ، والضمير في «يحشرهم» للكافرين الذين عبدوا غير الله ـ تعالى ـ.
وقوله : (وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) معطوف على مفعول «يحشرهم» والمراد بهؤلاء الذين عبدوهم من دون الله : الملائكة وعزير وعيسى وغيرهم من كل معبود سوى الله ـ تعالى ـ.
والمعنى : واذكر لهم ـ أيها الرسول الكريم ـ حالهم لعلهم أن يعتبروا يوم نحشرهم جميعا للحساب والجزاء يوم القيامة ، ونحشر ونجمع معهم جميع الذين كانوا يعبدونهم غيرى.
ثم نوجه كلامنا لهؤلاء المعبودين من دوني فأقول لهم : أأنتم ـ أيها المعبودون ـ كنتم السبب في ضلال عبادي عن إخلاص العبادة لي ، بسبب إغرائكم لهم بذلك أم هم الذين من تلقاء أنفسهم قد ضلوا السبيل ، بسبب إيثارهم الغي على الرشد ، والكفر على الإيمان؟.
والسؤال للمعبودين إنما هو من باب التقريع للعابدين ، وإلزامهم الحجة وزيادة حسرتهم ، وتبرئة ساحة المعبودين.
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ، قالَ سُبْحانَكَ) (١).
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ : أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ* قالُوا : سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ.). (٢).
قال الإمام الرازي ما ملخصه : فإن قيل : إنه ـ سبحانه ـ عالم في الأزل بحال المسئول عنه فما فائدة السؤال؟.
__________________
(١) سورة آل المائدة الآية ١١٦.
(٢) سورة سبأ الآيتان ٤٠ ، ٤١.