والظهير : المعين. يقال : ظاهر فلان فلانا إذا أعانه وساعده. وظهير بمعنى مظاهر. أى : وكان هؤلاء الكافرون مظاهرين ومعاونين للشيطان وحزبه ، على الإشراك بالله ـ تعالى ـ الذي خلقهم ، وعلى عبادة غيره ـ سبحانه ـ.
ويصح أن يكون الكلام على حذف مضاف. أى : وكان الكافر على حرب دين ربه ، ورسول ربه ، مظاهرا للشيطان على ذلك.
وقال ـ سبحانه ـ (عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) لتفظيع جريمة هذا الكافر وتبشيعها ، حيث صوره ـ سبحانه ـ بصورة من يعاون على محاربة خالقه ورازقه ومربيه وواهبه الحياة.
ثم بين ـ سبحانه ـ الوظيفة التي من أجلها أرسل رسوله فقال : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً).
أى : وما أرسلناك ـ أيها الرسول الكريم ـ إلى الناس جميعا ، إلا لتبشرهم بثواب الله ـ تعالى ـ ورضوانه إذا أخلصوا له العبادة والطاعة ، ولتنذرهم بعقابه وغضبه ، إن هم استمروا على كفرهم وشركهم ، فبلغ رسالتنا ـ أيها الرسول ـ ومن شاء بعد ذلك فليؤمن ومن شاء فليكفر.
و (قُلْ) لهم على سبيل النصح والإرشاد ودفع التهمة عن نفسك (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ). أى : ما أسألكم على هذا التبليغ والتبشير والإنذار من أجر ، إن أجرى إلا على الله ـ تعالى ـ وحده.
وقوله ـ سبحانه ـ : (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) استثناء منقطع.
أى : لا أسألكم على تبليغى لرسالة ربي أجرا منكم ، لكن من شاء منكم أن يتخذ إلى مرضاة ربه سبيلا ، عن طريق الصدقة والإحسان إلى الغير ، فأنا لا أمنعه من ذلك.
قال الآلوسى ما ملخصه : قوله : (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ) أى : إلى رحمته ورضوانه (سَبِيلاً) أى طريقا. والاستثناء عند الجمهور منقطع ، أى : لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه ـ سبحانه ـ سبيلا ، أى : بالإنفاق القائم مقام الأجر ، كالصدقة في سبيل الله ، فليفعل.
وذهب البعض إلى أنه متصل. وفي الكلام مضاف مقدر ، أى : إلا فعل من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بالإيمان والطاعة حسبما أدعو إليهما ، أى : فهذا أجرى.
وفي ذلك قلع كلى لشائبة الطمع ، وإظهار لغاية الشفقة عليهم ، حيث جعل ذلك ـ مع كون