يَفْقَهُوا قَوْلِي. وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي. كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً. وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً. إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً).
وقد رد الله ـ تعالى ـ على نبيه موسى ـ عليهالسلام ـ ردا حاسما لإزالة الخوف ، ومزهقا لكل ما يحتمل أى يساور نفسه من عدوان عليه ، فقال ـ تعالى ـ : (قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ).
أى : قال الله ـ تعالى ـ لموسى على سبيل الإرشاد والتعليم : كلا ، لا تخف أن يكذبوك أو أن يضيق صدرك ، أو أن لا ينطلق لسانك ، أو أن يقتلوك. كلا لا تخف من شيء من ذلك ، فأنا معكما برعايتي ومادام الأمر كذلك فاذهب أنت وأخوك بآياتنا الدالة على وحدانيتنا فإننا معكم سامعون لما تقولانه لهم ولما سيقولونه لكما.
وعبر ـ سبحانه ـ بكلا المفيدة للزجر ، لزيادة إدخال الطمأنينة على قلب موسى ـ عليهالسلام ـ.
والمراد بالآيات هنا : المعجزات التي أعطاها ـ سبحانه ـ لموسى وعلى رأسها العصا ..
وقال ـ سبحانه ـ (إِنَّا مَعَكُمْ) مع أنهما اثنان ، تعظيما لشأنهما أو لكون الاثنين أقل الجمع. أو المراد هما ومن أرسلا إليه.
والتعبير بقوله (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) بصيغة التأكيد والمعية والاستماع ، فيه ما فيه من العناية بشأنهما ، والرعاية لهما ، والتأييد لأمرهما.
والفاء في قوله : (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا : إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ. أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها من الوعد برعايتهما.
و «أن» في قوله (أَنْ أَرْسِلْ) مفسرة. لتضمن الإرسال المفهوم من الرسول معنى القول.
أى : اذهبا وأنتما متسلحان بآياتنا الدالة على صدقكما ، فنحن معكم برعايتنا وقدرتنا. فأتيا فرعون بدون خوف أو وجل منه (فَقُولا) له بكل شجاعة وجراءة (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) أى : رب جميع العوالم التي من بينها عالم الجن. وعالم الملائكة.
وقد أرسلنا ـ سبحانه ـ إليك ، لكي تطلق سراح بنى إسرائيل من ظلمك وبغيك ، وتتركهم يذهبون معنا إلى أرض الله الواسعة لكي يعبدوا الله ـ تعالى ـ وحده.
قال الآلوسى : «وإفراد الرسول في قوله (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) لأنه مصدر بحسب الأصل ، وصف به كما يوصف بغيره من المصادر للمبالغة ، كرجل عدل .. أو لوحدة المرسل أو