وقد تكلم العلماء هنا كلاما طويلا يتعلق بتفسير هذه الآيات التي تحدثت عن الشعراء فارجع إليه إن شئت (١).
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بقوله ـ تعالى ـ (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
والمنقلب : المرجع والمصير ، وهو مفعول مطلق. أى : ينقلبون أى انقلاب والجملة الكريمة مشتملة على أشد ألوان التهديد والوعيد للظالمين.
قال القرطبي : ومعنى : (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) أى مصير يصيرون ، وأى مرجع يرجعون ، لأن مصيرهم إلى النار ، وهو أقبح مصير ، ومرجعهم إلى العقاب وهو شر مرجع والفرق بين المنقلب والمرجع : أن المنقلب : الانتقال إلى ضد ما هو فيه ، والمرجع : العود من حال هو فيها ، إلى حال كان عليها ، فصار كل مرجع منقلبا ، وليس كل منقلب مرجعا (٢).
وقال الإمام ابن كثير : والصحيح أن هذه الآية عامة في كل ظالم .. وعن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت : كتب أبى وصيته من سطرين : بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبى قحافة ، عند خروجه من الدنيا ، حين يؤمن الكافر. وينتهى الفاجر ، ويصدق الكاذب. إنى استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن يعدل فذاك ظني به ، ورجائي فيه ، وإن يظلم ويبدل فلا أعلم الغيب (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
وبعد : فهذه سورة الشعراء ، وهذا تفسير محرر لها ، نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ، ونافعا لعباده.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وصلّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
القاهرة ـ مدينة نصر
ظهر الأحد ١٩ من جمادى الأولى ١٤٠٥ ه
الموافق ١٠ / ٢ / ١٩٨٥ م
|
د. محمد سيد طنطاوى |
__________________
(١) راجع الآلوسى ج ١٩ ص ١٤٥.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٣ ص ١٥٣.