وبين ملكة سبأ من كتب ومحاورات انتهت بإسلام ملكة سبأ ، حيث قالت : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
ثم ساقت السورة جانبا من قصة صالح ـ عليهالسلام ـ مع قومه ، فتحدثت عن الرهط التسعة الذين كانوا يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، والذين بيتوا السوء لنبيهم صالح وللمؤمنين معه ، فكانت نتيجة مكر هؤلاء المفسدين الخسار والهلاك. كما قال ـ تعالى ـ : (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ. فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ ، أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ. فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا ..).
٧ ـ وبعد أن ساقت السورة جانبا من قصة لوط ـ عليهالسلام ـ مع قومه. أتبعت ذلك بالحديث عن وحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته ، فذكرت ألوانا من الأدلة على ذلك ، وقد قال ـ سبحانه ـ في أعقاب كل دليل (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) ، وكرر ذلك خمس مرات ، في خمس آيات.
٨ ـ وبعد هذا الحديث المتنوع عن مظاهر وحدانية الله وقدرته ـ سبحانه ـ ، أخذت السورة الكريمة في تسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم وفي تثبيت فؤاده ، وفي بيان أن هذا القرآن هداية ورحمة.
قال ـ تعالى ـ : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ. وَإِنَّهُ لَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ. فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ).
٩ ـ ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة بالحديث عن علامات الساعة وأهوالها ، وعن عاقبة المؤمنين ، وعاقبة الكافرين ، وعن المنهج الذي اتبعه الرسول صلىاللهعليهوسلم وأمر غيره باتباعه ، فقال ـ تعالى ـ : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها ، وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ. وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها ، وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
١٠ ـ وبعد : فهذا عرض مجمل لسورة النمل. ومنه نرى أن السورة الكريمة زاخرة بالحديث عن أدلة وحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته ، وعن مظاهر فضله ـ تعالى ـ على عباده. وعن علمه ـ سبحانه ـ المحيط بكل شيء ، وعن آياته الكونية التي يكشف منها للناس ما يشاء كشفه وبيانه.
كما نرى أن السورة الكريمة قد اشتمل القصص على جانب كبير منها ، خصوصا قصص