الله ـ تعالى ـ فيه أخبار السابقين ، بالصدق والحق.
وداود هو ابن يسى ، من سبط يهوذا من بنى إسرائيل ، وكانت ولادته في بيت لحم سنة ١٠٨٥ ق. م ـ تقريبا ـ ، وهو الذي قتل جالوت ، كما قال ـ تعالى ـ : (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ ..). (١). وكانت وفاته سنة ١٠٠٠ ق م تقريبا.
وسليمان هو ابن داود ـ عليهماالسلام ـ ولد بأورشليم حوالى سنة ١٠٤٣ ق م وتوفى سنة ٩٧٥ ق م.
وقد جاء ذكرهما في سورتي الأنبياء وسبأ وغيرهما.
ويعتبر عهدهما أزهى عهود بنى إسرائيل ، فقد أعطاهما الله ـ تعالى ـ نعما جليلة.
والمعنى : والله لقد أعطينا داود وابنه سليمان علما واسعا من عندنا ، ومنحناهما بفضلنا وإحساننا معرفة غزيرة بعلوم الدين والدنيا.
أما داود فقد أعطاه ـ سبحانه ـ علم الزبور ، فكان يقرؤه بصوت جميل ، كما علمه صناعة الدروع .. قال ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً ، يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (٢).
وأما سليمان فقد آتاه ـ سبحانه ـ ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وعلمه منطق الطير ، ورزق الحكم السديد بين الناس. قال ـ تعالى ـ : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) (٣).
وقوله ـ سبحانه ـ (وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) بيان لموقفهما من نعم الله ـ تعالى ـ عليهما ، وهو موقف يدل على حسن شكرهما لخالقهما.
والواو في قوله (وَقالا) للعطف على محذوف ، أى : آتيناهما علما غزيرا فعملا بمقتضاه وشكرا الله عليه ، وقالا : الحمد لله الذي فضلنا بسبب ما آتانا من علم ونعم ، على كثير من عباده المؤمنين ، الذين لم ينالوا ما نلنا من خيره وبره ـ سبحانه ـ.
قال صاحب الكشاف : «وفي الآية دليل على شرف العلم ، وإنافة محله. وتقدم حملته
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٥١.
(٢) سورة سبأ الآية ١٠.
(٣) سورة الأنبياء الآية ٧٩.