وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٢١)
وقوله ـ سبحانه ـ (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى) بيان لجانب من النعم التي أنعم الله ـ تعالى ـ بها على موسى في تلك المرحلة من حياته.
و (لَمَّا) ظرف بمعنى حين. والأشد : قوة الإنسان ، واشتعال حرارته من الشدة بمعنى القوة والارتفاع يقال : شد النهار إذا ارتفع. وهو مفرد جاء بصيغة الجمع ولا واحد له من لفظه.
وقوله : (وَاسْتَوى) من الاستواء بمعنى الاكتمال وبلوغ الغاية والنهاية.
أى ـ وحين بلغ موسى ـ عليهالسلام ـ منتهى شدته وقوته ، واكتمال عقله ، قالوا : وهي السن التي كان فيها بين الثلاثين والأربعين.
(آتَيْناهُ) بفضلنا وقدرتنا (حُكْماً) أى : حكمة وهي الإصابة في القول والفعل ، وقيل : النبوة.
(وَعِلْماً) أى : فقها في الدين ، وفهما سليما للأمور ، وإدراكا قويما لشئون الحياة.
وقوله ـ سبحانه ـ : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) بيان لسنة من سننه ـ تعالى ـ التي لا تتخلف.
أى : ومثل هذا الجزاء الحسن ، والعطاء الكريم ، الذي أكرمنا به موسى وأمه نعطى ونجازي المحسنين ، الذين يحسنون أداء ما كلفهم الله ـ تعالى ـ به. فكل من أحسن في أقواله وأعماله ، أحسن الله ـ تعالى ـ جزاءه ، وأعطاه الكثير من آلائه.
ثم حكى ـ سبحانه ـ بعض الأحداث التي تعرض لها موسى ـ عليهالسلام ـ في تلك الحقبة من عمره فقال : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها).
والمراد بالمدينة : مصر ، وقيل : ضاحية من ضواحيها ، كعين شمس ، أو منف.
وجملة (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) حال من الفاعل. أى : دخلها مستخفيا.
قيل : والسبب في دخوله على هذه الحالة ، أنه بدت منه مجاهرة لفرعون وقومه بما