يكرهون ، فخافهم وخافوه. فاختفى وغاب ، فدخلها متنكرا (١).
أى : وفي يوم من الأيام ، وبعد أن بلغ موسى سن القوة والرشد ، دخل المدينة التي يسكنها فرعون وقومه : (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) أى : دخلها مستخفيا في وقت كان أهلها غافلين عما يجرى في مدينتهم من أحداث ، بسبب راحتهم في بيوتهم في وقت القيلولة ، أو ما يشبه ذلك.
(فَوَجَدَ) موسى (فِيها) أى في المدينة (رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ) أى : يتخاصمان ويتنازعان في أمر من الأمور.
(هذا مِنْ شِيعَتِهِ) أى : أحد الرجلين كان من طائفته وقبيلته. أى : من بنى إسرائيل : (وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) أى : والرجل الثاني كان من أعدائه وهم القبط الذين كانوا يسيمون بنى إسرائيل سوء العذاب.
(فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) أى : فطلب الرجل الإسرائيلى من موسى ، أن ينصره على الرجل القبطي.
والاستغاثة : طلب الغوث والنصرة ، ولتضمنه معنى النصرة عدى بعلى.
(فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) والفاء هنا فصيحة. والوكز : الضرب بجميع الكف.
قال القرطبي : والوكز واللكز واللهز بمعنى واحد ، وهو الضرب بجميع الكف (٢).
أى : فاستجاب موسى لمن استنصر به ، فوكز القبطي ، أى : فضربه بيده مضمومة أصابعها في صدره ، (فَقَضى عَلَيْهِ) أى : فقتله. وهو لا يريد قتله ، وإنما كان يريد دفعه ومنعه من ظلم الرجل الإسرائيلى.
والتعبير بقوله ـ تعالى ـ : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) يشير إلى أن موسى ـ عليهالسلام ـ كان على جانب عظيم من قوة البدن ، كما يشير ـ أيضا ـ إلى ما كان عليه من مروءة عالية. حملته على الانتصار للمظلوم بدون تقاعس أو تردد.
ولكن موسى ـ عليهالسلام ـ بعد أن رأى القبطي جثة هامدة ، استرجع وندم ، وقال : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أى : قال موسى : هذا الذي فعلته وهو قتل القبطي ، من عمل الشيطان ومن وسوسته. ومن تزيينه.
__________________
(١) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٠ ص ٥٢.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٣ ص ٢٦٠.