يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)(٢٨)
ولفظ (تِلْقاءَ) في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ) منصوب على الظرفية المكانية ، وهو في الأصل اسم مصدر. يقال دارى تلقاء دار فلان ، إذا كانت محاذية لها.
و (مَدْيَنَ) اسم لقبيلة شعيب ـ عليهالسلام ـ أو لقريته التي كان يسكن فيها ، سميت بذلك نسبة إلى مدين بن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ.
وإنما توجه إليها موسى ـ عليهالسلام ـ ، لأنها لم تكن داخلة تحت سلطان فرعون وملئه.
أى : وبعد أن خرج موسى من مصر خائفا يترقب ، صرف وجهه إلى جهة قرية مدين التي على أطراف الشام جنوبا ، والحجاز شمالا.
صرف وجهه إليها مستسلما لأمر ربه ، متوسلا إليه بقوله : (عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ).
أى : قال على سبيل الرجاء في فضل الله ـ تعالى ـ وكرمه : عسى ربي الذي خلقني بقدرته ، وتولاني برعايته وتربيته ، أن يهديني ويرشدني إلى أحسن الطرق التي تؤدى بي إلى النجاة من القوم الظالمين.
فالمراد بسواء السبيل : الطريق المستقيم السهل المؤدى. إلى النجاة ، من إضافة الصفة إلى الموصوف أى : عسى أن يهديني ربي إلى الطريق الوسط الواضح.
وأجاب الله ـ تعالى ـ دعاءه ، ووصل موسى بعد رحلة شاقة مضنية إلى أرض مدين ،