وقد روى الطبراني عن مسلمة بن سعد العنزي أنه وفد على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : مرحبا بقوم شعيب ، وأختان موسى.
وقال آخرون. بل كان ابن أخى شعيب. وقيل : رجل مؤمن من آل شعيب.
ثم قال ـ رحمهالله ـ ثم من المقوى لكونه ليس بشعيب ، أنه لو كان إياه لأوشك أن ينص على اسمه في القرآن هاهنا. وما جاء في بعض الأحاديث من التصريح بذكره في قصة موسى لم يصح إسناده (١).
والمعنى : ولم يطل انتظار موسى للخير الذي التمسه من خالقه ـ عزوجل ـ فقد جاءته إحدى المرأتين اللتين سقى لهما ، حالة كونها (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) أى : على تحشم وعفاف شأن النساء الفضليات.
(قالَتْ) بعبارة بليغة موجزة : (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) للحضور إليه (لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) أى : ليكافئك على سقيك لنا غنمنا.
واستجاب موسى لدعوة أبيها وذهب معها للقائه (فَلَمَّا جاءَهُ) ، أى : فلما وصل موسى إلى بيت الشيخ الكبير ، (وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) ، أى : وقص عليه ما جرى له قبل ذلك ، من قتله القبطي ، ومن هروبه إلى أرض مدين.
فالقصص هنا مصدر بمعنى اسم المفعول ، أى : المقصوص.
(قالَ) أى : الشيخ الكبير لموسى (لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أى : لا تخف يا موسى من فرعون وقومه ، فقد أنجاك الله ـ تعالى ـ منهم ومن كل ظالم.
وهذا القول من الشيخ الكبير لموسى ، صادف مكانه ، وطابق مقتضاه ، فقد كان موسى ـ عليهالسلام ـ أحوج ما يكون في ذلك الوقت إلى نعمة الأمان والاطمئنان ، بعد أن خرج من مصر خائفا يترقب.
ثم يحكى القرآن بعد ذلك ، ما أشارت به إحدى الفتاتين على أبيها : فقال ـ تعالى ـ : (قالَتْ إِحْداهُما) ولعلها التي جاءت إلى موسى على استحياء لتقول له : (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا).
(يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) أى : قالت لأبيها بوضوح واستقامة قصد ـ شأن المرأة السليمة الفطرة النقية العرض القوية الشخصية ـ يا أبت استأجر هذا الرجل الغريب ليكفينا تعب الرعي ، ومشقة العمل خارج البيت.
__________________
(١) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٢٣٨.