أى قال له بصيغة التأكيد : إنى أريد أن أزوجك إحدى ابنتي هاتين ، بشرط أن تعمل أجيرا عندي لرعى غنمي (ثَمانِيَ حِجَجٍ) أى : ثماني سنين.
قال الجمل : وقوله : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي) في محل نصب على الحال ، إما من الفاعل أو من المفعول.
أى : مشروطا على أو عليك ذلك .. و (تَأْجُرَنِي) مفعوله الثاني محذوف أى : تأجرنى نفسك و (ثَمانِيَ حِجَجٍ) ظرف له .. (١).
وقوله : (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) أى : فإن أتممت عشر سنين كأجير عندي لرعاية غنمي ، أى : فهذا الإتمام من عندك على سبيل التفضل والتكرم فإنى لا أشترط عليك سوى ثماني حجج.
وقوله (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) بيان لحسن العرض الذي عرضه الشيخ على موسى.
أى : وما أريد أن أشق عليك أو أتعبك في أمر من الأمور خلال استئجارى لك ، بل ستجدني ـ إن شاء الله ـ تعالى ـ من الصالحين ، في حسن المعاملة ، وفي لين الجانب ، وفي الوفاء بالعهد.
وقال : (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ.). للدلالة على أنه من المؤمنين. الذين يفوضون أمورهم إلى الله ـ تعالى ـ ويرجون توفيقه ومعونته على الخير.
ثم حكى ـ سبحانه ـ ما رد به موسى فقال : (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ ، وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ).
أى : (قالَ) موسى في الرد على الشيخ الكبير (ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) أى : ذلك الذي قلته لي واشترطته على ، كائن وحاصل بيني وبينك ، وكلانا مطالب بالوفاء به فاسم الإشارة مبتدأ ، وبيني وبينك خبره ، والإشارة مرجعها إلى ما تعاقدا عليه ، وأى في قوله : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) شرطية ، وجوابها ، (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) وما مزيدة للتأكيد.
والمعنى : أى الأجلين ، أى الثمانية الأعوام أو العشرة الأعوام (قَضَيْتُ) أى : وفيت به ، وأديته معك أجيرا عندك (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) أى : فلا ظلم على ، وأصل العدوان : تجاوز الحد.
قال صاحب الكشاف ما ملخصه : أى قال موسى : ذلك الذي قلته .. قائم بيننا جميعا
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٣٤٥.